للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المقبوض وبالعقد الشرعي واشترطوا بقاء قناة السويس ليجعلوا منها ذريعة لاحتلال مصر؟ والغريب أن الأستاذ المؤلف لم يذهب هذا المذهب الذي ذهب إليه الأستاذ المخرج ولم يعقد هذا القياس بين القضيتين!

. . . أما مسرحية (دنشواي الحمراء) فالأمر فيها أدهى وأمر، فما دنشواي - في نظر الحق والصدق - إلا صفحة مخزية للخيانة الوطنية من كبار المصريين!! وهيهات أن يتجه الذهن عند ذكر دنشواي إلا هذه الخيانات العظمى التي ارتكبها فريق من المصريين والتي كانت المبرر لما ارتكبته الإنجليز من فظائع وويلات اقترحها عليهم المصريون بل قضى بها المصريون قضاء له صورة الحق وإطار العدالة!!

على أن المسرحية امتدت إلى تصوير ما يجرى الآن من حوادث في القنال على أنه (دنشواي الحديثة) فقصرت تقصيرا شديدا في إبراز جوانب الوطنية المصرية المتأججة في الصدور هذه الأيام، وليس أدل على ذلك من إنها أغفلت أهم مظهر وطني بل أهم حدث وطني رائع جليل وأعني به موقف العمال المصريين هناك!! هؤلاء العمال الذين كانوا أول مسمار في نعش الإنجليز؛ هؤلاء الذين طووا بطونهم على الجوع وتركوا موارد أرزاقهم وأبوا أن يكونوا مع الغاصبين والبلاد جميعها تنادى بنبذهم وطردهم!!

وأغفلت كذلك موقف الجنود المصريين وقد انقلبوا بين عشية وضحاها إلى صفوف الشعب وفي كتائب الشعب يرمون أعداءه ويحمون أبناءه، وقد كانوا من قبل سواعد الإنجليز فيما ينزلون بأبناء البلاد من عسف واضطهاد. .

وأغفلت كذلك موقف (الحكومة) وقد صارت إليها قيادة الثورة في البلاد! حتى أصبح الوزراء يقومون وهم في دست الحكم بما لم يكونوا يقومون به إلا يوم يعتزلون هذا الحكم ويمشون في ركاب الشعب كالجبان الذي إذا ما خلا بأرض طلب الطعن وحده والنزالا!

إن هذه المسرحية لم تستطيع أن تصور هذه الظواهر الجديدة الهامة، ولا أفهم أن تذكر حوادث القنال دون أن تذكر هذه الأشياء.

والذي يبدو، أنها كتبت على عجل، وأنه أريد لها أن تسبق إلى الظهور قبل أن تمتد إلى موضوعها يد أخرى! وما يمثل هذا يكون الفن، فالفن أناة ومهل وتأمل. والفن ليس سابقا في ميدان ينال فيه الفائز الأول الجائزة الكبرى!

<<  <  ج:
ص:  >  >>