للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشبهة في النبي وقوله، ولكنها فيمن روى عن النبي. ولذلك قال الإمام أبو حنيفة في سبب رده لبعض الأحاديث (ردي على كل رجل يحدث عن النبي بخلاف القرآن ليس ردا على النبي ولا تكذيبا له ولكنه رد على من يحدث عنه بالباطل، والتهمة دخلت عليه ليس على نبي الله. وكل شيء تكلم به النبي فعلى الرأس والعين قد آمنا به وشهدنا أنه كما قال. . .)

على أننا إذا سلمنا كما قلنا بأن النبي صلوات الله عليه قد نطق بهذا الحديث ثم أثبت العلم ضرر الذباب فليس علينا من بأس في الرجوع عنه وعدم الأخذ به لأنه من أمور الدنيا. ولنا في ذلك أسوة حسنة بما فعل النبي صلوات الله عليه حينما رأى أهل المدينة يؤبرون النخل فأشار عليهم بأن لا يؤبروه. ولما ثبت بعد ذلك ضرر عدم التأبير وخرج الثمر شيصا قال لهم النبي حديثه المشهور (إنما ظننت ظنا فلا تؤاخذوني بالظن؛ ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئاً فخذوا به. وفي رواية (إذا أمرتكم بشيء في دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر) ثم ختم حديثه بهذه القاعدة الجليلة العامة التي يصح أن تكون دستورا للمسلمين على مر العصور كلها، والتي ثبت بحق أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وأنه صديق العلم وعدو الجهل وهذه القاعدة هي (أنتم أعلم بأمر دنياكم)

أما راوي هذا الحديث وهو أبو هريرة فقد ردوا له أحاديث كثيرة في حياته وبعد مماته حتى من التي صرح بأنه سمعها بأذنه من النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث (خلق الله التربة يوم السبت) الذي رواه عنه مسلم في صحيحه فقد قال البخاري وغيره إن أبا هريرة تلقاه من كعب الأحبار اليهودي

وأنا نكتفي بهذه الكلمة الصغيرة اليوم ونشكر لحضرة النطاسي البارع الدكتور سالم محمد الذي أثار هنا البحث النافع وندعوه وسائر زملائه الأطباء ثم رجال العلم جميعا من مهندسين وفلكيين وجغرافيين وغيرهم أن يستمروا في أبحاثهم العلمية النافعة بوسائلهم الصحيحة التي دعا إليها الإسلام ولا يخشوا أحدا في ذلك (فأنتم أعلم بأمر دنياكم)

المنصورة

محمود أبو رية

<<  <  ج:
ص:  >  >>