أنا لا أحجب نانيت بل هي التي تعرض عن الحضور لأنها لا تحب الرقص. .
فصاح ريكاردوا، أحد الطالبين الآخرين:
يا للعذراء! هل هناك فتاة تبغض الرقص؟ إن رجلي البائستين لم تعودا تحملانني من كثرة ما رقصت مع صديقتي سيمون!
فقلت بدوري لمونيوث:
ولكني لم أشاهد صديقتك نانت هذه!
فتدخل فرناندو قائلاً: إنه يخاف عليها يا عزيزي كما تخاف القطة على صغارها
ثم استمررت موجهاً كلامي لمونيوث:
لا يمكن إلا أن تكون غيوراً يا صديقي، ففي عروقك الدم. الشرقي العربي الفائر. .
ولكن مونيوث أصر على إنكاره الغيرة كما أنكر الدم العربي، واعداً إحضار نانيت معه في أقرب فرصة. . .
ولكن مونيوث طبعاً لم يف بوعده. .
تعرفت بعد ذلك بأيام بنانيت هذه بالفندق، إذ أتت لتزور مونيوث وكان إذ ذاك معتل الصحة، فعذرت عندئذ صديقي لحرصه على نانيت، لأنها كانت جميلة إلى حد بعيد، بشعرها الذهبي المنفوش، وعينيها الخضراوين اللتين كأنهما عينا قطة أنقرية. . ولما كنا في ذلك الوقت في أواخر شهر ديسمبر، وضعنا ذات ليلة برنامج سهرة في ليلة رأس السنة، ووعدنا مونيوث باصطحابه نانيت في تجوالنا تلك الليلة بمقاهي باريس الليلية. . على أننا شككنا في هذا الوعد أيضاً. . ولكن حينما جاءت الليلة الموعودة، أقبلت نانيت متأبطة ذراع صديقها! بدأنا طوافنا بالذهاب إلى ملهى (الطاحونة الحمراء) حيث كانت الممثلة الأسبانية الرشيقة (راكل ملر) تخلب الباريسيين بصوتها الشجي ورقصها السماوي. . ثم انتقلنا بعد ذلك إلى مقهى قريب من (الطاحونة الحمراء) يديرها بعض أشراف الروس الذين هاجروا من بلادهم على أثر قيام النظام الشيوعي في روسيا؛ وكان المحل غاصاً بالأجانب والفرنسيين على سواء الذين أتوا ليستقبلوا السنة القادمة بين المرح والسرور عساها تأتي لهم بالسعادة. . .؟!
جلسنا في البار الذي كان مرتفعاً حتى نستطيع أن نشرف على المرقص بأجمعه. . ثم