(كفرا بالأدب ولكنها في الحق كفر بالخطب وكفر بالمقالات والكتب) كما يقول، ولا أدري أيريد الأستاذ بذلك أن يقول أن الخطب والمقالات والكتب ليست من الأدب في شيء؟ أن كان الأمر كذلك فتلك هي الآفة الكبرى التي أجل أدب الأستاذ وفهمه عنها! فإن الخطب والمقالات والكتب هي أشياء من صميم الأدب وبخاصة في مقام الاستحثاث والاستنهاض الذي نحن بصدده!
ولا أدري يا صديقي كيف وأنت تزعم قراءة عصور الأدب الفرنسي والإنجليزي جميعها إذ تقول (لقد قرأت من زمان طويل ما قاله (هازلت) فنازلا و (سارتر) فصاعدا. . ولعلك خبير بتسلسل هذه العصور في فرنسا وإنجلترا) لا ادري يا صديقي أي شيء يكون (صاعدا) بعد سارتر؟ والذي اعلمه علم يقين أن ليس بعده شيء! وانه حي يرزق! وانه لا يزيد عمره على عمرك المبارك إلا قليلا، وان مذهبه - واعني به الوجودية - هو آخر المذاهب الأدبية التي اعتورت الأدب من عصوره اليونانية القديمة إلى يومنا هذا! وهو مذهب تتفتح بوا كيره ولم يعم انتشاره بعد!
يا أخي: أن الأدب - رضيت أو لم ترض - هو الحركة الأولى لكل شيء في الحياة. وكل ثروة حربية إنما سبقتها ثورة أدبية مهدت لها وأدت اليها، والكلام في هذا يطول والشواهد عليه لا تحصى، فأما أن تقول كلاما في الموضوع وأما أن تتقبل تحيتي وسلامي!