- سيدي! أنني هجت فيك حس الشفقة كثيرا، فلا تأسف أصغ إلى ما سأقوله لك. . . انك تعلم، أو تذكر إنني كنت طلابة للمرح كثيرا في عهدي الأول. وتعلم كم كنت اغني!
وأنت تغنين أيضا!
- نعم: أردد أغاني القديمة، أنواعا كثيرة من الأغاني، أعرف منها كثيرا ولم أنسها ولكن الحان الرقص أصبحت لا ارددها لأن حالتي لا تساعدني
- انك تغنيها لنفسك بدون شك؟
- لنفسي. . . ارددها عاليا، قد لا اقدر أن اغني عاليا جدا، ولكن سامعها يفهمها. إنني حدثتك الآن عن غادة صغيرة تعودني. لقد علمتها إياها وأصبحت تعرف منها اربعا، وعما قليل ترى.
تنفست (لو كريا) وهذه الفكرة التي بدأت ترددها هذه الغادة الفانية قد أيقظت في نفسي هولا لا قبل لي به. ولكني قبل أن انبس بكلمة تصاعدت رنة تتعالى بصعوبة ولكنها صافية مستقيمة ملأت أذني، ثم رنة أخرى تلتها ثم أخرى. . . ولو كريا لا تزال تردد:
(في هذه المروج، هذه المروج، في هذه المروج الجميلة الخضراء) كانت تشدو دون أن تتبدل ملامح وجهها وعيناها لا تتحولان. ولكنها كانت ترسل صوتها يرن مؤثرا، هذا الصوت الضعيف الذي كان يجهد نفسه متصاعدا كأنه خيط دخان، متدفقا من كل نفسها. أصبحت لا أحس ذلك الرعب بل حل محله شفقة عنيفة تضغط قلبي.
أنت فجأة وقالت:
- لا أقدر. . . إن قوتي تخونني إن فرحي كثير برؤيتك وهنا أغمضت عينيها، ولمست بيدي أصابعها الباردة فنظرت إلى نظرة خفيفة، ثم رأيت حاجبيها الكثيفتين المنتهيين بخطوط ذهبية كخطوط الهياكل القديمة قد اغلقا كنت بالقرب من الباب عندما ذكرتني. . .
- هل تذكر يا سيدي (وقد بدت ملامح غريبة على عينيها وشفتيها) هل تذكر جديلتي الصغيرة؟ كانت تسقط حتى ركبتي مضى على ذلك عهد طويل وأصبحت لا أجزم. كانت غدائر جميلة وإني لي أن اعمل المشط فيها على هذه الحالة؟ فاضطررت إلى قصها. . . عفوا يا سيدي. . . لا أستطيع!
مرت أسابيع معدودة علمت خلالها لو أن لو كريا غادرت هذا العالم. وهنالك يقصون -