شك شيئا كثيرا، لليوم والغد، وللسياسة والاقتصاد، وللأهداف القومية العليا في المستقبل القريب والمستقبل البعيد.
على أن إنشاء المعاهد الثقافية ليس إلا مثلا لما تملك وزارة المعارف المصرية النهوض به في باكستان وأندونسيا؛ فإنها من غير شك تملك إنشاء معاهد لتخريج معلمين للغة العربية في هذين البلدين. وستجد الكثيرين من أهل باكستان وأهل إندونيسيا يلتحقون بهذه المعاهد لو أنشأتها هناك. وستجد من أهل البلاد من يصلحون أساتذة لهذه المعاهد بمعاونة بعض زملائهم من مصر والعالم العربي. . ووظيفة هذه المعاهد هي تخريج أفواج من المدرسين المستعدين لأن يقوموا بدورهم بتدريس اللغة العربية في مدارس بلادهم. فأنا أعرف أن عقبة عدم وجود الكفاية من المدرسين عقبة حقيقة في طريق تقرير اللغة العربية في مدارس الباكستان بالذات، أو مدارس بعض ولاياتها الراغبة منذ اليوم في تقرير اللغة العربية
نعم إنني أعرف أن لمعالي الدكتور طه حسين باشا آراء قديمة تضمنها كتابه:(مستقبل الثقافة في مصر) من شأنها أن تجعل اهتمامه بربط مصر بأمم البحر الأبيض أشد من ربطها بالبلاد الشرقية كباكستان وإندونيسيا؛ لأن الصلة التي تربطها بعقلية البحر الأبيض - على الرغم من اختلاف الأديان والمصالح القومية - أقوى من الصلة التي تربطها بعقلية هذا الشرق ولو أتحد الدين.
ولكن هذه الآراء قد كتبت منذ خمسة عشر عاما. وإني لأحسب أن أشياء كثيرة قد جدت في الأفق، وأن هذه الأشياء كفيلة بأن تبرز حقائق جديدة، وعناصر في الموقف جديدة، وأن هذا كله كفيل بتغيير رأي الدكتور طه باشا؛ لأن الحاجة الماسة إلى قيام كتلة إسلامية، وإلى وحدة العالم الإسلامي، ذات أثر حاسم في تقريب ما بين أجزاءه، وفي استكمال أسباب الوحدة العقلية التي كان يرى أنها غير متحققة إلا في دول البحر الأبيض.
إن دول البحر الأبيض اليوم تنقسم إلى معسكرين متعاديين متباغضين: معسكر المستعمرين، ومعسكر الشعوب التي تطالب بحرياتها. وسيظل كلاهما ينكر الآخر. وستظل العداوة والبغضاء قائمة بينهما أبدا؛ لأن مصالحهما متناقضة متعارضة.
وعلى الضد من ذلك موقف شعوب العالم الإسلامي كله. تلك الشعوب التي تجمعها