من أجل هذا كان للقوة في نظر الإسلام الأهمية البالغة، والمكانة السامية. ومن أجل هذا فرض الله على المسلمين الجهاد إعلاء لكلمته، وتنفيذا لأحكامه وكتب عليهم القتال وهو كره لهم (ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.) وأمرهم أن يكونوا أقوياء بأيمانهم وعقائدهم، وأجسامهم وجوارحهم، أشداء على الأعداء رحماء بينهم. غلاظا على الخصوم لينين مع إخوانهم (محمد والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)(وليجدوا فيكم غلظة).
وللقوة في كل زمان مظهر يتفق معه، ويتلاءم مع تطوره؛ فهي في فجر الإسلام رمح وسنان. وأبطال وهو الشجاعة والبطولة يرخصون نفوسهم في سبيل الله، ويجاهدون لإعلاء كلمته؛ ولكنها اليوم في القرن العشرين بندقية ومدفع ودبابات ومصفحات وطائرات وقاذفات. وغواصات وكاسحات وفرق مدربة في البر والبحر والهواء.
وقد طالب الإسلام أتباعه بأن يعتمدوا على أنفسهم بعد الله. وبع تنفيذ دستوره والعمل بأحكامه، وألا يأمنوا أعداءهم بل يحذروهم. وحتم الإسلام على أتباعه أن يكونوا دائما على استعداد لمنازلة الأعداء وأن يعدوا لهم كل ما يستطيعون من وسائل القوة ليرهبوهم (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) والاستطاعة أيضاً تتطور بتطور الزمن وتسير مع روح البصر الذي يعيش فيه المسلمون اليوم.
دعا الإسلام المسلمين للقوة، ونشأهم على العزة، ووعدهم بأن يستخلفهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وحارب الضعف والوهن (ولا تهدوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون والله معكم ولن يترككم أعمالكم) وقاوم الجمود الجسمي وحطم الإسار العقلي ليعلو سلطانه وتنتشر تعاليمه وليتم الله نوره ولو كره الكافرون
ولم يدع الإسلام المسلمين للقوة ليتخذوا منها ذريعة للبطش بالضعفاء، أو مهاجمة الشيوخ والأطفال والنساء. أو الاعتداء على المسالمين والأبرياء أو الإفساد في الأرض والتمرد على النظام بل ليفرضوا سلطان الحق على النفوس المتمردة والقلوب المتبلدة وقد علم الله