- جل شأنه - أن في عباده سباعا ضارية تلبس مسوح الرهبان، ووحوشا مفترسة على شكل الإنسان، ولا سبيل إلى إذعانها للحق، وردها للنظام إلا بكلمة في الصدر، أو ضربة في الرأس، أو طعنة بالسيف. وبعد فلا أخالني بحاجة للقول بأن من أهم أسباب تأخر المسلمين اليوم ضعفهم. والضعيف دائما فريسة سهلة للقوى في دنيا تسودها شريعة الغاب، وعالم بدين بأن الحق والعدل والضمير من أساطير الأولين. وضعف المسلمين اليوم معنوي ومادي؛ فالأول واضح في انقسام الرؤساء واختلاف الأحزاب، وتخاذل الحكام، وتفرق الكلمة، والثاني ظاهر في احتياج الجيوش الإسلامية للذخيرة والعتاد، وحاجة الإفطار الإسلامية والعربية لإنشاء مصانع للأسلحة المختلفة. والاتحاد قوة، وقد دعا الإسلام إليه: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا؛ والسلاح قوه وقد أمر الله به: وأعدوا لهم ما أستطعم من قوة. وقد رأينا باطلا يعلو لأنه مؤيد بالجيوش والأساطيل، وحقا ينهار لأنه ليس وراءه جنود ولا أساطيل على مرأى ومسمع من الصفوة المختارة من دول العالم المتمدن التي اجتمعت والتقت فيما يسمونه بمنظمة الأمم المتحدة في النصف الثاني من القرن العشرين
ففرض علينا نحن المسلمين التدريب العسكري والتربية الحربية التي تجعل من كل مسلم منا جنديا يعرف مكانه إذا هتف به الدين، ودعاه الوطن.
وحرب على الإسلام من يعارض إنشاء مصانع الذخيرة والأسلحة في أي قطر إسلامي أو بلد عربي. وخائن لوطنه من يعتمد في حماية الوطن على الأجنبي الغاصب الجاثم فوق الصدور استنادا إلى معاهدات أثيمة لا تساوى المداد الذي كتبت به. لقد بلغ من ضعفنا أن أصبحت الدولة الاستعمارية تتصرف في شؤوننا، وتقضي في أمورنا بما تريد دون أن تعنى باستطلاع آرائنا وكأن الشاعر العربي كان يعنينا حين قال
ويقضي الأمر حين تغيب تيم ... ولا يستأذنون وهم شهود
فعلينا - أقطار العروبة الإسلام - أن نبني أنفسنا من جديد، وأن نستلهم روح العصر الذي نعيش فيه، وأن نغير من نظم التربية والتعليم لنجعلها اكثر ملاءمة لتطور العلم. وأن ننفض عنا غبار الحمول. ونسد نقصبنا ونستكمل أسباب قوتنا المادية ونصنع الأسلحة اللازمة لجيوشنا، أو نحصل عليها بأي طريق يمكن أن نتفاهم مع الاستعمار الذي لا يفهم