كان بين الحسان الثمان أو التسع اللواتي رقصن من تميزن بالجمال، ولاسيما اثنتان منهن كان لهن شعر أحمر ذهبي، يشع في ضوء الشمس بصورة تلفت الأنظار، لطول ما عولج بالحناء. وكان رئيس الحفلة الفظ يهتف بين الراقصات قائلا: يا عوبل! يا عوبل! (تعالوا وارقصوا) ويلوح أن الفتاة كانت ترقص على المنوال التالي: كانت تتبع فتاها مواجهة له محاولة إغراءه بالاقتراب منها، فإذا استجاب لسحرها في النهاية، وانقلب من تراجعه الأول في القيام بدور المحب الخجول، إلى التقدم نحوها والتعبير عن إعجابه بجمالها في كل حركة من حركاته، بدأت في التراجع، بعد أن حققت غرضها. فإذا اقترب منها أكثر مما يجب، أو حاول مسها، ضربته بخيزرانتها بلطف، واضطرته إلى التراجع.
وكان صاحب السيف يرقص أحيانا على هذه الرجل وأحيانا على تلك، ثم يأخذ فجأة في الرقص على القدمين معا بصورة مطاطة. وكانت الفتاة ترقص كما ترقص البدويات على باطن قدميها وتنش (تقفز) ثم تعود إلى حالها الأول بأرجل قوية. وتتقدم وتتأخر أمام فتاها. وكانت تقلع (تهز رقبتها) بخفة على وقع أقدامها باتجاه رفيقها. ولكنها كانت تغير حركتها بتلويح ظفائرها حول رأسها بحركة جانبية أو مستديرة من رأسها. لم تبتسم خلال الرقص مطلقا، بل أبقت شفتيها مطبقتين تماما. وكانت تضع يدها أحيانا على فمها أو أنفها. فإذا اقترب رفيقها منها بصورة (فاضحة) كما حدث ذلك فعلا عدة مرات، ضربته بلطف بخيزرانتها كأنما تصده عن نفسها. وكانت ميزاتها الخاصة هي أنها صبغت شفتيها بالحمرة، وعلا مفرقها خط زعفراني عرضه نصف بوصة. وكان لجميع الفتيات مثل هذا الخط الذي كان يبدو كدهان من الزعفران (ولعله محلول قوى من الحناء). وقد انتهى الرقص حينما أسرع أخو الفتاة إلى الحلقة فغطى وجهها ورأسها بجزء من ثوبها الشاش ثم ذهب بها. . .