مهرة في قراءة الكف، وأخيرا وليس أخرا، كثرة الطلب عليهم للقيام بعملية ختان الفتيات، تلك العادة الشائعة في جنوب العراق، وبين قبائل المنتفك في الفرات وقبائل بني لام.
رقص الصلبة
أقيم الاحتفال في مخيم الصلبة على مقربة من قصر نايف خارج بوابة نايف مباشرة، ابتهاجا بختان أحد الأطفال. وأستمر ثلاثة أيام، مر اليومان الأولان منهما وهذا هو الثالث، وهو أحسنها وأعظمها.
كان الصليب المألوف في مكانه فوق خيمة الفرح يتدلى من فوقه نصف ثوب نسائي، إشعارا للناس بالحفلة.
ودخل رئيس الراقصين ومدير الحفلات أيضاً - وهو رجل كبير السن كان قد ختن طفله منذ أيام قليلة - حلقة الرقص المؤلفة من الصلبة، رجالا ونساء، ومن بعض المشاهدين الآخرين، يلوح بالسيف فوق رأسه، ويدعو فتيات الصلبة وفتيانها الأشداء لمصاحبته. وبعد أن دار حول الحلقة البشرية عدة مرات، حدثت حركة في إحدى الخيام المجاورة ثم اندفعت منها إحدى الحسان، وقد ارتدت ثياب العيد (زعفرانية اللون أو بنفسجيته يغطيها ثوب من الشاش) إلى حلقة الرقص، حاسرة الرأس، سافرة الوجه، محلولة الشعر، يتلاعب النسيم بشعرها. لقد كان منظرا في الحق رائعا. فقد كان شعرها طويلا غزيرا، ووجهها جميلا، وعلى ذقنها ورقبتها أشكال جميلة من الوشم. كان ظهور الفتاة دعوة لأخيها أو زوجها بالإسراع إلى الحلقة، ليحتضنها ويقبلها بلطف على شفتيها (تشجيعا ولا ريب). ثم أعطيت الفتاة خيزرانة، وابتدأ الرجل يرقص أمامها وهو (ينتخي) مقتربا منها حيناً، مبتعدا عنها حينا آخر، ولكنه ظل يواجهها في جميع الحالات. ولما ابتدأ الرقص، ابتدأ فريق المغنيات المؤلف من اثنتي عشرة صلبية في الإنشاد بصوت متقطع حاد وهن يصفقن بأيدهن.
واستمر الرقص، وأنظم إلى الحلقة شبان وفتيات آخرون رقصوا على الصورة السالفة الذكر. وكان يحدث أحيانا أن تضم الحلقة عددا من الراقصين والراقصات، يرقصون معا في وقت واحد. لم يكن في سلوك الراقصين ما يجانب الحشمة اللهم إلا ما بدا من شيخهم حينما أخذ يرقص بالسيف خلف صاحبته بصورة مثيرة، مرة أو مرتين، كان هذا العمل منه هو المخالفة الوحيدة في الحفلة للحشمة.