كانت المدينة ذات أبنية عادية ضيقة الشوارع ملتوية الطرقات ليس بها إلا بعض الميادين الواسعة نسبيا، وكان يحيط بها سور من الحجر لا يزيد ارتفاعه على ثلاثة أمتار، فكان من السهل أن يقتحمه الجنود بأقل جهد.
وحاصر الفرنسيون المدينة وظنوا أن دخولها لا يتطلب جهدا ولا مشقة وأنهم يعتبرون أنفسهم في نزهة. وفي يوم ١٤ يونيو سنة ١٨٠٨م اندفعت فرقة من الفرق الفرنسية نحو المدينة وانقضوا عليها انقضاض الصواعق، ولكن المدافعين عن المدينة تصدوا لهم وأصلوهم نارا حامية وأجبروهم على التقهقر.
ورجح الفرنسيون يأكل صدورهم الحقد ويكاد يقتلهم الغيظ فقضوا الوقت كله في التأهب والاستعداد، حتى إذا كان اليوم التالي هاجموا المدينة بقوة وحنق، سالكين بابا من أبواب السور المسمى بباب بورتيلو، وأخذوا يلقون بأنفسهم في المعركة، ولكن المعركة انجلت عن هزيمة الفرنسيين وفوز السرقوسيين مما ضاعف حماسهم وقوى روحهم وبعث فيهم الثقة بأنفسهم فصمموا على الدفاع حتى آخر واحد منهم.
وخرج الرهبان من أديرتهم والقسس من بيعهم ولبسوا ملابس الجندية ليشاركوا أبناء وطنهم الجهاد وقسم النساء أنفسهن أقساما كل منها يقوم بعمل خاص، من حمل الجرحى ونقل المؤن والذخائر للجنود. ولم تتخلف واحدة منهن عن القيام بواجبها وأصبح كل فرد في سرقوسة جنديا يحمل السلاح.
وفي ليلة ٢٨ يونيو بينما كان كل مواطن آخذا مكانه المعد له إذا بانفجار شديد يدوي وسط المدينة، فهب الناس مذعورين لهذا الحدث المروع الذي أخذهم على غرة، فقد استطاع الفرنسيون أن يتسلل جواسيسهم داخل المدينة فيفجروا مخزنا للذخيرة، وهي العلامة المتفق عليها لبدء الهجوم.
وهب الجنود مسرعين إلى سلاحهم وأضطر المواطنون أن يسارعوا إلى نجدتهم وأن يتركوا جثث الضحايا تحت الأنقاض والمجروحين بغير إسعاف
وأشتد الهجوم وحمى وطيس القتال، وبلغ الهول منتهاه وتساقط المدافعون واحدا إثر واحد عند أحد الأبواب، وعندما سقط آخر جندي وأصبح المكان خاليا وعرضة لأن يندفع منه المهاجمون، كانت هناك امرأة تسعى إلى هذه المنطقة الخطرة غير آبهة بما حولها، لتقوم