الظروف! هل يقصد تحليل أبي حنيفة للنبيذ؟ وهل يحسب نبيذ أبي حنيفة من الخمر؟ وما موقع (صنوف الخمر المستجادة) مما قال به أبو حنيفة؟
وبعد ذلك ألقى الدكتور أحمد عمار محاضرة قيمة موضوعها (المصلحات الطبية ونهضة العربية يصوغها في القرن الحاضر) بدأها بقوله: اللغات كائنات حية نامية متجددة، ما تجددت عاشت، فإن جمدت ماتت. ولقد تعتورها من آفات الإفراط والتفريط أدواء لا منجاة منها إلا أن تكون بين ذلك قواما وتلزم بينهما قصد السبيل. ثم قال: ولقد وسعت لغتنا في ريعانها من مطالب الحضارة أعلاها مرتقى وأصعبها شعابها، ومن بينها الطب، إذ بلغ شأوها فيه أن نلقاه عليها الغرب وتدارسه في كتبها حقبا طوالا. وما كان ذلك إلا لأن أسلافنا لم يبتلوا بذلك الداء الدولي وهو فرط الحذر، ولم يخشوا في النقل عمن سبقهم من الأمم لومة لائم، بل أقبلوا عليه إقبالا لعلهم كانوا فيه إلى العجلة والاندفاع أقرب منهم إلى التؤدة والأنة، فما أضر بهم ولا بلغتهم قليل الاندفاع. ولو أنهم أسرفوا في الحذر لما خلد لهم في التاريخ ذكر ولا بقى لهم في العلم أثر. ثم تحدث الدكتور عمار عن العناية بالمصطلحات الطبية في مطلع النهضة المصرية الحديثة، بعد العصور التي تخلفت فيها اللغة، حتى بلغ الحديث مجمع فؤاد الأول فأشار إلى حيرته التي طالت سبعة عشر عاما بين إشفاق على القديم ووجل من الجديد، وأهاب به قائلا: ما عدة النهضات إلا الإقدام، وقال إننا نشفق من الجمود أكثر مما نشق من الاندفاع، فلنتوسط بينهما السداد ما استطعنا إليه سبيلا. ثم فصل رأيه في ذلك بأمثلة في وضع المصطلحات الطبية سأعود إلى عرضها في عدد قادم إن شاء الله لاستكمال الفائدة من هذه المحاضرة الدسمة الشهية. . . وقد دل الدكتور أحمد عمار بجزالة لغته وإمتاع أسلوبه وعمق فكرته على أدب وفضل يحمد المجمع على إتاحة الفرصة لظهورهما.
ثم تحدث الأستاذ عبد الحميد العبادي بك عن (كتب الحسية وأثرها في المعجم اللغوي الكبير) فشرح هذا النظام في المجتمع الإسلامي وذكر ما ألف في الحرف وشئون الأسواق وما تضمنته هذه المؤلفات من نقد المجتمع وساق طائفة من ألفاظ الحرف والآلات ومصطلحاتها مما لم تضمنه المعجمات داعيا إلى تضمينها المعجم الوسيط والمعجم الكبير.
وتكلم الأستاذ ماسينيون فقال إنه قدم من باريس يحمل إلى المجمع مع التحية مطلبا خاصا