للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الروايات المسرحية فقد ابتدأ بيراندللو الكتابة فيها عام ١٩١٢، فكتب رواياته

و' (١٩١٣) ثم (١٩١٤). على أن هذه الروايات كانت في الواقع بمثابة الخطوات الأولى لفنه الذي لم يزدهر إلا ابتداء من عام١٩١٧ حين كتب رواية وتوالت بعد هذه الرواية رواياته المسرحية الرائعة التي أشهرها ' (١٩١٨) و ' , و (١٩١٩) , ' (١٩٢٠) و ' و (١٩٢١) (١٩٢٢) ' (١٩٢٣) (١٩٢٥) (١٩٢٦) ' (١٩٢٧) الخ. . . .

كان أظهر ما يميز فن بيراندللو منذ قصصه الأولى ميله إلى الدعابة، إليها بغريزته كلما استطاع إلى ذلك سبيلاً. على أن فكرة بيراندللو عن الدعابة قد تطورت وتحددت بتحوله إلى المسرح واهتمامه على الأخص بكتابة الروايات المسرحية ونبوغه فيها. فقد كان بيراندللو

في البداية يلجأ إلى الدعابة إجابة لنداء طبيعته الساخرة. لكنه أقتصر فيما بعد - وخصوصاً في مسرحه - إلى اختيار الموضوعات التي تثير حقاً سخرية المرء ودعابته. ثم جعل بعد ذلك من هذه الموضوعات مجالاً واسعاً لإطفاء ظمئه الطبيعي في حب الدعابة. وقد اتفق النقاد على أن عبقرية بيراندللو هي من مهارته الفائقة في حسن اختيار هذه الموضوعات وتوخي الصدق فيها

ويجب أن نلاحظ أن رواية بيراندللو لا تصلها بالرواية الهزلية صلة؛ ذلك أن الناحية النقدية هي الغرض الأسمى من الرواية، فهي لم توضع لتبعث الضحك والمرح إلى نفوس المشاهدين كما هو الحال في الرواية الهزلية، بل لتكشف لهم بطريقة تحليلية لاذعة عن حقيقة الطبيعة البشرية ونواحي الصراع بينها وبين تقاليد المجتمع وموجباته. وقد كتب بيراندللو عام ١٩٢٠ يشرح ذلك قال:

(إنني أعتقد أن الحياة مهزلة محزنة. لأننا نرى في داخلها دافعاً خفياً لا ندري سببه يدفعنا إلى أن نخدع أنفسنا على الدوام، فنخلق لنا شخصيات وأفكاراً تختلف باختلاف كل فرد. ثم لا نلبث أن يبدو لنا أن ما فعلنا ليس إلا وهما وخديعة. إن فني ممتلئ بالشفقة الحارة على أولئك الذين يخدعون أنفسهم. على أنني لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن ألحق بهذه الشفقة سخريةً قاسيةً من الأقدار التي تفرض على الإنسان فرضاً هذا الغش والخديعة)

<<  <  ج:
ص:  >  >>