بها. وما كانت تعرف من هو ولكن نحن عرفناه: هو نبينا محمد (ص) ومعه صاحبه (أبو بكر الصديق) و (عامر بن فهيرة) خادم أبي بكر، و (عبد الله بن أريقط) دليلهم في طريق هجرتهم إلى المدينة وإذا أبو بكر ينادي: يا أم معبد، أما لديك ما نأكله وندعو لك؟
بلى يا سيدي: وأسرعت فقدمت إليهم لبنا. لكنه - وا خجلتاه - دون كفايتهم. وأخذت تعتذر لضيوفها بأن السنة سنة جدب وقحط
وحانة من النبي (ص) التفاته فرأى شاة رابضة في جانب الخيمة وهي جافة الضرع مهزولة الجسم، فقام إليها ومسح ضرعها، وأم معبد تتعجب وتقول في نفسها: ماذا عساه يفعل؟! وإذا هو يحلب الشاة، وإذا هي تدر باللبن. فشربوا حتى إذا ارتووا واستراحوا هبوا عجلين إلى ركائبهم فامتطوها. واستبقوا طريقهم إلى المدينة وتركوا أم معبد في دهشة من أمرهم
وبعد هنيهة قدم عليها زوجها أبو معبد فرآها مضطربة متغيرة اللون. ورأى في جنبات الخيمة آثار أكل وشرب. ورغد وخصب
يا أم معبد ما الخبر؟ وما هذا الذي أراه؟
فأخبرته بخبر المسافرين الذين نزلوا بها، وان واحدا منهم قام إلى نعجتها هذه العجفاء الجافة الضرع فدرت لبنا غزيرا
يا أم معبد، صفي لي هذا الرجل العجيب! فقالت:
(إنه ظاهر الوضاءة، مليح الوجه، حسن الخلق، لم تعبه ثجلة، ولم تزر به صعلة. في عينيه دعج، وفي أشفاره وطف. أحور، أكحل، أزج، أقرن، شديد سواد الشعر، في عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة. إذا صمت فعليه الوقار. وإذا تكلم سما وعلاه البهاء. كأن منطقه حزرات نظمن ثم تحدرن. حلو المنطق. لا نزر ولا هذر. أجهر الناس إذا تكلم وأجلهم من بعد. وأحلاهم وأحسنهم من قريب. ربعة. لا تشنؤه العين من طول، ولا تقتحمه من قصر. غصن بين غصنين. له رفقاء يحفون به. إذا قال يستمعون لقوله، وإذا أمر يتبادرون لأمره. محفود، محشود، لا هو عابس ولا مفند)
فلما سمع أبو معبد هذا الوصف قال وقد علاه الوجوم: ويحك يا أم معبد! هذا هو صاحب قريش الذين ما زالوا يطلبونه. وقد بذلوا جعلا لمن يرده إليهم. ثم تركها وأخذ يشتد في أثر