عربي فرد (صلى الله عليه وسلم) بعد عشر سنين من هجرته أخضع مائة ألف عربي لحكمه، ومائة الألف عربي بعد نحو سبعين سنة أخضعوا ملايين وملايين من البشر واستولوا ممالك العالم المعروف في ذلك الزمن!
قال علماؤنا رضي الله عنهم: يجب على الأب والأم أن يلقنا طفلهما الصغير حينما يعقل هذا التعليم البسيط وهو: (يا بني إن نبينا محمدا ولد في مكة، وهاجر إلى المدينة فدفن فيها)
فإذا انتقل الصغير من دور الطفولة إلى دور النشوء (أو دور التعليم الابتدائي) فما هو أول ما ينبغي للمعلمين أن يلقنوه إياه؟
أرى أن يلقنوه بيتا من الشعر قاله أبو تمام وهو:
الصين منظوم بأندلس إلى ... جدران رومية فملك ذمار
(وذمار) اسم قديم لليمن. يقول أبو تمام في هذا البيت إن ممالك الإسلام في زمنه (أي في حدود المائتين للهجرة) كان يحدها شرقا الصين، وغربا بلاد الأندلس، وشمالا روما (وكان المسلمون اقتربوا منها وهددوها)، وجنوبا بلاد اليمن الواقعة في جنوب البحر الأحمر! فما أعجب هذا البيت السحري الذي جمع فيه أبو تمام دنيا الإسلام بحدودها الأربعة!
وهكذا كانت عاقبة الهجرة النبوية: وثب الإسلام بعدها من عسر إلى يسر، ومن ضيق إلى سعة: فهو لم يكد يخرج من ضيق خيمة (أم معبد) حتى دخل من سعة بلاد الله خيمة يحدها الخافقان، ويأوي إلى ظلها التقلان!