تحدث عند الأبطال - وهم كما سبق يخلصون للوضع الاجتماعي - إما حين يظهر لهم فجأة أنهم يحيون (حياة وهمية) على خلاف ما كانوا يتصورون، حياة تخالف كل ما جبلت عليه (شخصيتهم الحقيقية)، إما حين تنفجر هذه الشخصية الحقيقة مرة واحدة وتخرجهم عن الوضع التقليدي الذي كانوا يحيون فيه. . . أما الأزمة عند البطلات فبالعكس تحدث حين يرين أنفسهم مرغمات على الخضوع لوضع مخصوص أو فكرة مخصصة كما في قصة: , ' حيث نرى بطلة القصة مضطرة إلى مجاراة أبنتها - التي تظن أن أمها ماتت - في اعتقادها أنها زوجة أبيها.
وفي الفصول الأولى من روايات بيراندللو المسرحية، نرى حوادث القصة غامضة أشبه ما تكون بالقصص البوليسية. وكل حوادث القصة تحدث في هذه الفصول الأولى. فإذا ما جاء الفصل الثاني - وهو أعظم فصول القصة شأناً - ابتدأ دور (التنبه) وفي الفصل الثالث - وهو عادة أقصر كثيراً من الفصلين الأولين - يكمل دور (التنبه) ويكون ذلك مصحوباً غالباً بحركة مسرحية عنيفة تحل بها العقدة المسرحية فنواحي التجديد في مسرح بيراندللو:
أولاً: أن القصة لا تبلغ حدتها في الفصل الذي يقوى فيه (الحادث) في الفصل الذي تقوى فيه (المعرفة)
ثانياً: أن القصة ترمي إلى إثارة المشاهدين عن طريق (اكتشاف) حقيقة كانت مجهولة عن طريق (الحركة).
ومن الحق أن نذكر ما يوجهه النقاد إلى فن بيراندللو. فقد أتهمه ناقدوه بأن رواياته لا ترتفع عن مستوى الدرام، بل عن مستوى الميلودرام. وأنه أختار لقصصه موضوعات هي من التعقيد بحيث كان من العسير التصديق بإمكانيتها في الحياة الإنسانية الواقعة، وأخيراً أن روايته لا تخلو من بعض الملل لأن بيراندللو كان فيها (مفكراً) أكثر من اللازم
على أنه مهما قيل في فن بيراندللو فانه لا يمكن إنكار أهمية مسرحياته وأثرها التجديدي في المسرح العالمي مما جعل بعض قصصه الشهيرة يترجم إلى خمسة عشرة لغة أجنبية. كما أن بيراندللو هو الكاتب الإيطالي الوحيد الذي استطاع أن يحل المعضلة التي اعترضت كل الكتاب الإيطاليين منذ عام ١٨٧٠ ألا وهي كتابة عمل أدبي يعالج موضوعات ويرسم شخصيات قومية بحتة وينال في الوقت نفسه إعجاباً عالمياً. فكأن