طوبى لها أن حمت جارا وإن طلعت ... رسالة الله منها وهي غراء
طافت على الرض نور اللألي فقدوا ... أنوار أنفسهم، والكفر ظلماء
كأن كل سبيل من ضلالتهم ... صحراء كالحة الأعطاف غبراء
ضجت جفاء وعجت وحشة وبلى ... كأنها القبر فاضت منه أشلاء
نامت عليها الدياجي وهي جاهمة ... ومقلة الفجر فيها الدهر عمياء
لله شرعك شرعا واضحا جددا ... ما في تضاعيفه ريب وإخفاء
أنقى من الزهر في فينان نضرته ... وقد جلته يد للحسن بيضاء
ما زال غضا على الأيام مؤتلقا ... كالخلد ليس له ند وأكفاء
كم طهر القلب من بغي ومن دنس ... وكم صفت بصفاء القلب حوباء
والدين يمن وإحسان وميسرة ... وفرحة تسع الدنيا وأنداء
من ضاق بالعيش ذرعا أو جفته مني ... فالدين تعزية كبرى وتأساء
من صد عن بابه لم يرتشف أملا ... وعاودته من الكفران غماء
ولا اطمأنت له نفس ولا هدأت ... وكيف تهدأ في الطغيان أنواء
يطوي الحياة جحيما لا نعيم بها ... كأنما هي أوجاع وأدواء
يا هجرة فجرت حبا ومرحمة ... فالقوم فيها الأحباء الإخلاء
تقاسموا نعميات العيش وائتلفوا ... كما تآلف في الأجساد أعضاء
كل يرى لأخيه الخير أجمعه ... والخير موطنه الرهط الأعزاء
جرى الإخاء عليهم بهجة وسنا ... فاستعذبوه، ودنيا الود فيحاء
كأن ألفتهم للائمين شجا ... وطعنة في صميم الكفر نجلاء
وطيبة الخير بيت ضم شملهم ... جلاله الدهر أبناء وآباء
لو أن قومي وعوا أسرار هجرته ... لما تناءى بهم بغض وشحناء
إن الحياة إذا يسرتها يسرت ... كأن إمرارها في الطعم إحلاء
وإن أردت بها شؤما ومعسرة ... فإنما هي أثقال وأعباء
خلت من البهجة الكبرى جوانبها ... كأن إضحاكها في العين إبكاء
كل له ما يرى فليتعظ فطن ... فعسرها اليسر والبأساء سراء