وأرسلت سرحة أفنانها فنمت ... على مداخله فالغار أفياء
وأقبلت من بنات الدوح ساجعة ... كأنما الغار عش فيه ورقاء
لا الظن حام على الغار الحبيب ولا ... بدت من الشك للسارين سيماء
وكان يحميه من بغي العدا قمر ... تدرع الطهر إن الطهر أباء
من كان يعلم أن الظبية اتشحت ... بما ينوء به العد الأشداء
ففي النهار غدت عينا مراقبة ... ما حاكه في غمار الكفر أعداء
وفي المساء استحالت رحمة وندى ... على النطاقين منها الزاد والماء
بالنفس والأهل والدنيا وما حفلت ... جناتها من مجالي السحر أسماء
ذات النطاقين أسماها الرسول بما ... أسدت يداها، وللإحسان إسداء
باتت على الغار ترعاه وتحرسه ... كأنها مقلة بالسهد كحلاء
أغفت عيون الدراري في مطالعها ... وما لعين الهوى والحب إغفاء
حتى إذا غمر الليل الشعاب ولم ... يبن على الرمل في الليل الإدلاء
نشطت للسير والصديق في ملأ ... من الملائك، والإيمان حداء
يرعاكما الله في حل ومرتحل ... ويثرب القصد، والأهل الأوداء
وحين أشرفت ماجت بالسرور كما ... تلألأت بفريد الموج دأماء
هبت تلقاك أنجادا وأودية ... وكم تشوقك أنجاد وأوداء
مشى إليك بنوها والهوى ضرم ... وكل نفس من الأشواق رمضاء
يستقبلونك أرواحا وأفئدة ... ويفتدونك والأجساد أنضاء
ذاب الحنين على افواعهم نغما ... وفي يمينك للشادين إرواء
على الشفاء أناشيد مزغردة ... وفي العيون من الفراح لألاء
أذكى الهوى أنفسا للحب قد خلقت ... وللصبابة في العشاق إذكاء
أبكاهم الوجد في اللقيا وأضحكهم ... إن التوجد تضحاك وتبكاء
أصغت إليهم عيون الليل رانية ... وكم يطيب إلى الأحباب إصغاء
وشت تسابيحهم للحب أنملة ... والحب مذ كان وشاح ووشاء
طوبى ليثرب ضمت خير من سطعت ... على محياه أنوار وأضواء