أن كلا من الكتلتين تبغي السيادة على العالم الإسلامي وأكثر من هذا أن دول الكتلة الغربية تسيطر فعلا على الدول الإسلامية: ففرنسا تحتل تونس والجزائر ومراكش، وتسوم أهلها الخسف والعذاب. وبلغ من ظلم فرنسا وقسوتها في الجزائر أن حرمت تدريس اللغة العربية والدين بمدارسها، بل زادت فانتهكت الأعراض، وحاولت خلق أمة جديدة تختلط فيها الأنساب وتضيع الجنسيات، ولكن طاش سهمها وخاب رجاؤها.
وقد حاولت مصر فتح فاروق الأول للدراسات الإسلامية بمدينة الجزائر، ولكن فرنسا لم توافق. وقد رد على ذلك معالي الوزير الحر والأديب العالم الدكتور طه حسين باشا فأمر بوقف نشاط الهيئات العلمية والأثرية الفرنسية في مصر، وهو عمل نحمده لهذا الوزير الخطير.
وتحتل إنجلترا ليبيا، وبرغم أن استقلال ليبيا قد أعلن فإن إنجلتراوأمريكا وفرنسا تحاول أن تبقي قوات احتلالها في ليبيا إلى ما لا نهاية.
وفي مصر والسودان ترفض إنجلترا الجلاء وتقف حائلا أمام وحدة مصر والسودان، وهي وحدة تبررها العوامل الدينية واللغوية والجغرافية والتاريخية والاقتصادية، ولا غرابة في هذا فأن إنجلترا التي تسمى بالوقيعة لإفساد اتحاد أبناء البيت الواحد، لا تتعفف عن الواقعية بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب من سكان وادي النيل.
وإن إنجلترا وأمريكا هما الدولتين اللتين ارتكبتا أبشع جريمة في القرن العشرين، إذ مكنتا لإسرائيل أن تقوم وسط العالم العربي لتهدد أمنه وسلامته. وفي سبيل ذلك شردت الدولتان مليونا من العرب، وأخرجتاهم من ديارهم وأوطانهم، وألقي بهم في العراء في البادية قفر حيث كتب عليهم أن يقيموا ليكونوا شاهدا على ظلم الإنسان للإنسان، ودليلا على أن الأمة التي تتهاون في شأنها ستلقي نفس المصير ونفس الهوان. ولكن ليعلم الناس جميعا أن الأمة الإسلامية لن يهدأ لها بال حتى يرد العرب إلى أوطانهم.
وتحتل إنجلترا شرق الأردن وعدن وعدة سلطنات على البحر العربي، وبينها وبين سلطنة عمان وإمارة البحرين وإمارة الكويت معاهدات تحالف!
وبين إنجلترا والعراق معاهدة تبيح لإنجلترا أن تنزل قواتها في أرض العراق إذا تعرض العراق لخطر أجنبي، وهذا الخطر لن يأتي إلا من جانب روسيا.