للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهي وظائف الحكومة وغيرها بالمعنى المتعارف الآن، أم هي المرتبات على المعنى اللغوي الصحيح؟ أإذا أردنا أن نعيد ميزانية لقسم الفزيولوجيا بكلية الطب مثلا قلنا: الوظائف لقسم الوظائف تنقسم إلى وظائف وظائفيين، ووظائف موظفين غير وظائفيين؟ ولنقس على هذه الأمثلة ما شئنا في سائر العلوم.

أية مفارقة هذه بين موقفنا وموقف الغابرين: إذ نتأبى نحن على التعريب حيثما يكاد يستوجب، بينما ترخصوا هم فيه حيث لهم معدومة عنه. ولماذا لا نعرب غير هيا بين حيثما يستعصي علينا، أو ريثما ينقاد لنا، الاشتقاق؟ وأية غضاضة في أن نعرب الفزيولوجيا وما جرى مجراها بأسمائها كاملة أو محورة أو موجزة، كأن نقول (فزلغة) للفيزيولوجي، و (بثلغة) للباثولوجي، كما قلنا فلسفة وجغرافيا وغيرهما؟ أليست هذه التسمية أحبس في الدلالة على المعنى المراد من أية تسمية أخرى يمكن أن نهتدي إليها اشتقاقا؟

ولقد أقر المجمع الموقر لكل نوع من أنواع الآلات صيغة من صيغها الثلاث، تقصر عليه ليتميز بها من النوعين الآخرين، فلم لا نقتاس بذلك في صيغ الأمراض: وهي فعال وفعيل وفعل نل لم لا نضيف إليها بالاستعارة غيرها من الصيغ كفعلان، فنقابل بكل من هذه الصيغ ما يناسبها من صيغ الأمراض في الأجنبية مثل وو ووسائر ما جرى مجراها؟ ولم لا نتوخى طريقة منظمة في صوغ المصطلحات، بأن نبدأ أولا بترجمة أدوات التصدير والإلحاق منتقلين إلى ترجمة طائفة فطائفة من المصطلحات التي تشترك في أصل الاشتقاق وتختلف في المضافات، عامدين بعد ذلك إلى النحت فيما لا يترجم إلا بوسيلة من النصطلحات الأجنبية المنحوتة؟ كأن تترجم مثلا كاسعة التي تنتهي بها أسماء أكثر العلوم في الغات الأجنبية باستعارة الأصل العربي لكلمة لغة، وهو لغو أو لغى. أو باستعارة لغة نفسها متذرعين لذلك بأن اللغة قوام العلم، إذ مامن علم إلا بلغة.

ثم نترجم أداة التذييل الدالة على مشتغل بعلم أو ما في حكمه في مثل وبحرفي الياء والتاء المنتهية بهما كلمتا عفريت ونفريت، مبالغة من عفر ونفر، فنقول مثلا (نباتيت) و (حيوانيت) بدلا من عالم بعلم النبات أو عالم بعلم الحيوان، الذي لا نستطيع بداهة أن نسميه (حيوانيا) وإن لنا إن شئنا أن ننسج على هذا المنوال عند الاقتضاء لمجالا فسيحا.

أيها السادة:

<<  <  ج:
ص:  >  >>