للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولو حشدنا أمام الإسلام جيشا جرارا قوامه كل ما في اللغات من كلمات استفهامية تدور بالخلد سرا وجهرا للتزود من ذخيرة هذا الجهاد، ولتثبيت الإنسان الكريم على قواعد العزة لكان للإسلام المكانة التي لا يتطاول إليها رأي أو مبدأ أوفلسفة أو زعامة ولو كان أصحابها بعضهم لبعض ظهيرا.

متى نجاهد؟ وكيف؟ وبمن؟ ومن. . وبكم؟ وفيم؟ وبم؟ ولم؟ وأي في سبيل الله؟. . هذه كلها يستجيب لها الإسلام في هدوء ومضاء ومن غير تعثر.

والإسلام يتمشى مع طبيعة الأشياء أن يتصل ولا ينفصل، وأن يدوم مع الحياة الفردية والجماعية من المهد إلى اللحد. وهذا ما يؤكده منطوق الآية الكريمة في حكمها المطلق (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيط ترهبون به عدو الله وعدوكم) وقوله تعالى (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال).

والإرهاب هنا أمر مفروض، وصفة لازمة لا تبرج المسلم أبدا، ولا ينبغي له أن يتخلى عنها يوما دون آخر، ولا يأتيها لظرف طارئ ويدعها من بعده، وتصدق في أحاديث النبي الكريم (الجهاد ماض إلى يوم القيامة) والجهاد هنا على العكس من الهجرة، إذ يقول الرسول الأعظم. (لا هجرة بعد الفتح ولكن نية وجهاد) ولقد حسب المسلمون - بعد تبوك - أن الجهاد قد انقطع فأخذوا يبيعون أسلحتهم لأهل الغنى والفضل، فنهاهم عن ذلك رسول الله وقال (لا تزال عصابة من أمتي ظاهرين يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال) ولن يخرج الدجال إلا في آخر هذا الزمان، يوم يرث الله الأرض ومن عليها.

ذلك بأن الجهاد من أشد مظاهر الإيمان لصوقا بهذا الدين المتين، وهو - على التحديد - أقرب ما يكون إلى دستوره ومصدر تشريعه، فالنبي يقول (من تعلم القرآن ثم نسيه فليس مني) وكذلك يقول (ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه) ويقول (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل)

هذا الجهاد إذن لا مقطوع ولا ممنوع، بل هو موصول غير مفصول، وذلك ما تقتضيه قوانين علم النفس فيما يتعلق بخصائص الغريزة، وهي التي لا سبيل مطلقا إلى هدمها أو تعطيلها لأنها قوة محركة للسلوك، ولن يظفر الإنسان بنعمة (العافية الاجتماعية) إذا تخلى عن قوة الدفاع عن النفس، وهذا ما يجري في دمه، وهو يدفع جيوش الميكروبات الوافدة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>