للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدهر، ويتخذ ثوبا أنقى وبدنا أطهر، ولا يزال يتنقل من جيد إلى أجود ومن حسن إلى أحسن، سنة الطبيعة التي لا تتبدل، ولن تجد لسنة الطبيعة تبديلا.

إن جوهر الحقيقة وروحها لا يدركه الفناء ولا يعدو عليه الزمن، ولكن الشيء العام والأمر الوحيد هو هل روح الحقيقة وجوهرها حق وصوت من أعماق الطبيعة؟

إن ما نسميه بنقاء الشيء أو عدم نقائه، ليس بذي أهمية عند الطبيعة، إنما الأمر المهم عندها، هو هل هذا الشيء فيه جوهر حق وروح صدق أم لا.

فإذا تقدمت أنت مثلا أيها الإنسان إلى الطبيعة لتصدر حكمها فيك فإنها لا تسألك أفك أكدار وشوائب أم فيك صفاء ونقاء، وإنما تسألك أفيك روح وجوهر، أفيك حق وصدق؟

فإن كان فيك حق وروح، فإنها تصدر الحكم لك، وأعلم أنك خالد أبد الدهر باق رغم تقلب الأعاصير والأنواء.

إن كثيرين من الناس يقولون لك إنك نقي نظيف، وربما تقول لك الطبيعة، نعم إنك نقي ولكنك قشر، وباطل وكذب وزور وجسم بلا جوهر ولا روح، وإنك مجرد اصطلاح وليس بينك وبين الحق صلة ولا سبب وإنها منك براء. وعند ذلك فقد كتبت عليك الفناء مهما امتد بك الزمن، لأن الطبيعة تقول إن البقاء للجوهر والروح.

(أسيوط)

عبد الحافظ عبد الموجود

<<  <  ج:
ص:  >  >>