وزحف إلى هناك. . إلى القنال. . . وفي هدوء وسكينة، راح يشعل اللغم تلو اللغم، ويستقبل الفزعين من أعدائه بالمدفع ويطارد فلولهم بالقنبلة. . .! يقتحم الشوك ويجتاز الترع، ويلاقيه وجهها لوجه، قوة لقوة، وسلاح لسلاح، وعنده فوق ذلك الإيمان بالحق. . . والإيمان بالنصر. . .
وعندهم دون ذلك الإحساس بالتطفل، والشعور بالحرج والحجة التي سقطت من بين أيديهم، والفزع الذي وقع في قلوبهم. . .!
لم يكن ما يأتيه هذا الشعب اليوم العجب أو ضريبة، قدر ما كان استجابة صادقة لتلك النوازع الأصيلة الموروثة في أعماقه. . . ألا فليشهد العالم وليسمع إن رغب عن أن يشهد، وليعلم إن رغب عن كلا الأمرين، أن كل مصري يقول اليوم: أنا مصر. . . ومصر أنا. . . لا ذله ولا هوان، ومرحبا بالقوة التي تحاول إرغامي على إنكار هذه الحقيقة. . . مرحبا بها. . . فالمدفع في يدي. . . والقنبلة في جيبي. . . والذخيرة في جعبتي، واللغم تحت إبطي. . . والله معي. . . أنا. . .!