والدماء. لا مجال لغير الثأر المقدس، لا مجال لغير الجهاد والكفاح.
أما من شاء أن يرتد إلى عهود المفاوضة والمسألة والمهادنة والمحالفة. . من شاء أن يرتد إلى تلك العهود التي طوتها عجلة الزمن السيارة. وفاتها عجلة الحوادث التي لا تتوقف. . من شاء شيئا من هذا، فليبحث له عن بلد غير هذا البلد، وعن شعب غير هذا الشعب، وعن وطن غير هذا الوطن. . فما عاد من هذا الوادي وأهله، من يملك شدقاه الدوران، ليتحدث عن شيء طواه الزمن وغشاه النسيان!
لا صداقة بعد اليوم للإنجليز. . فليسمع أصدقاء الإنجليز. . ولا مهانة بعد اليوم للاستعمار. . فليسمع من يربطون وجودهم بوجود الاستعمار. . مجرد الحديث عن الهدنة بيننا وبين الإنجليز جريمة. مجرد التفكير في أن يضمنا ويضمهم معسكر واحد خيانة. مجرد المحاولة لإطفاء النار المؤججة بيننا وبينهم طعنة من الخلف للفدائيين والشهداء الأبرار.
فليخرج الإنجليز من بلادنا، وليخرج معهم كل من لا تعجبه هذه الحالة. ليرحل عن هذا الوطن كل من يفكر في عقد صلة بيننا وبين من جديد. . أن الشعب سيسقط اعتبار كل من يرفع رأسه ويحرك شدقه ليقول في هذا كلمة واحدة. أن الشعب سيسحق هذه المخلوقات الشائهة الذليلة، والتي لا يثير نخوتها عرض يهتك، أو دم يهرق، أو جريمة شنعاء، مما يرتكبه القراصنة كل يوم في ضفة القنال.
ولا يحسبن أحد أنه أقوى من هذا الشعب، ولا أكبر من هذا الشعب، ولا أرفع من هذا الشعب، ولا أعلى من هذا الشعب. ولا يحسبن أحد أنه من الدهاء بحيث يخدع هذا الشعب عن أهدافه الواضحة المرسومة، ولا أنه من الحيلة بحيث يصرف هذا الشعب عن ثاراته المقدسة، ولا من القوى بحيث يقف في وجه التيار.
إن الغرور وحد هو الذي يصور لفرد أو عشرات من الأفراد أو مئات. . أنهم قادرون على أن يحولوا الدماء ماء، والنار بردا وسلاما، وعلى أن يصلوا مرة أخرى بين الشعب وجلاديه، وعلى أن ينسوا هذا الشعب دماء أبنائه الأطهار، وقد كاد أن يكون في كل بيت ثأر، وفي كل قلب جرح. . هيهات هيهات! لقد فات الأوان.
لقد سخر الله روبرتسون، وأرسكين، وأكسهام. . ومن إليهم. . سخرهم ليحطموا ما بقى من بناء الإمبراطورية التي حطمتها الشيخوخة. . سخرهم ليوقدوا نار الأحقاد المقدسة في