للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلوب الشعوب حول ذلك الحطام الفاني. . سخرهم ليخربوا بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين. ولن يقوم بناء سخر الله أهله ليهدموه. ولن يعمر بيت سلط الله سكانه ليخربوه.

ولقد كان الخوف أن يتروى القراصنة في معسكراتهم على ضفة القنال؛ وأن تهبط حرارة الشعب حين لا تجد لها وقود يغذيها؛ ولكن الله غالب على أمره. وها هي ذي الأحداث تجبرهم إجبارا على الخروج من صياصتهم المحصنة. وها هم أولا يوسعون نطاق القرصنة، ويوسعون دائرة الجريمة. ها هم أولا يصلون إلى التل الكبير. وغدا يسوقهم الله بأقدامهم إلى المجزرة حين ينتشرون في أراضي الشرقية الواسعة، ويقعون في فخاخ الفدائيين على مساحات واسعة. . فاللهم سقهم إلينا بأقدامهم اللهم زدهم حماقة على الحماقة! اللهم هيئ للفخاخ المنصوبة صيد من أعدائك وأعداء الإنسانية، وأعداء هذا الوادي. .!

وبعد فهنالك كلمة أخرى. . ومن كان له أذنان للسمع فليسمع لقد خاض الشعب معركة التحرير وحده حتى اليوم. خاضها بالدماء والأرواح. وإن زهرة أبنائه ليتساقطون في ميدان الشرف غير هيابين. . فما هو دور السادة يا ترى؟ أجل ما هو دور السادة الذين يكدح هذا الشعب كله لهم، وينفق عصارة قلبه ودمه ليخرج لهم من الأرض ذهبا وفضة.

إن الشعب لا يطلب من أولئك المترفين المترهلين السادرين في لذائذهم أن يؤدوا ضريبة الدم لهذا الوادي كما يؤديها الكادحون الذين لا يملكون في هذا الوادي شيئاً! أنه لا يطلب إليهم أن يضحوا بدمائهم الغالية! ولا أن يموتوا كما يموت الشهداء!

كلا! كلا! إن الأمر لأهون من هذا بكثير. إن هذا الشعب الطيب القلب، المتواضع القانع. . لا يطلب إلى السادة إلا ضريبة المال. لا يطلب إلا أن يساهموا بتزويد الفدائيين بالسلاح والمال. لا يطلب إلا قسطا مما ينفق على موائد الخمر وسهرات الليل، وما يراق على أقدامهم الغواني من ثراء!

وما يمكن أن يمضي الشعب في كفاحه، وأن يريق في كل يوم دماءه وأرواحه، وهؤلاء السادة سادرون فيما هم فيه!

إن لكل شيئاً حدا. ومحال أن تسير الأمور على هذا النحو بلا نهاية. . فهي النصيحة المخلصة إذن نزجيها، قبل فوات الأوان!

إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>