للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يلتمسون الإنسان في صورته العادية النابضة بالحياة. ولا أدري أين هم الكتاب (الذين ما برحوا يعالجون الآداب من أبراجهم العاجية) كما يقول الأستاذ الجليل؟ أين هم؟ وما آثارهم تلك؟ إننا - وفوق كل ذي علم عليم - لا نعرف واحد فردا له احترامه أو مكانته في عالم الأدب اليوم من هذا النوع العاجي الذي لم يهبط الأرض ولم يمس ثراها بقدميه الناعمتين! ويذهب الأستاذ الجليل إلى أن هذين المذهبين يعالجان (أسلوبين من أساليب التعبير في جوهره) والذي أعلمه أن الفرق بين هذين المذهبين ليس في الأسلوب والتعبير، وأن كلا منهما لا يقوم على طريقة على طريقه خاصة في الكتابة، بل أنه لا علاقة لهما بتاتاً بالأسلوب والتعبير ولكنهما يقومان على طريقة في التفكير والموضوع: فأولهما يقوم على فكرة أن الفن لا علاقة له بالأخلاق وأنه لا يجوز أن يوضع الفن في خدمة المجتمع لأن الفن في ذاته غاية لا وسيلة، وأن واجب الفنان (هو البحث عن الجمال وحبس هذا الجمال في إطار) كما يقول أوسكار وايلد.

وثانيهما يقوم على أن الفن وسيلة كبرى من وسائل إصلاح الحياة وعلى أن رجال الفن والأدب مسئولون عن كل ما في الحياة من نقص وظلم وفساد، وأن عليهم تقع - أول ما تقع - تبعة ذلك جميعه وأن الفن الذي لا يعالج أدران الحياة هو فن فارغ لا معنى له ولا نفع فيه.

فأين الأسلوب والتعبير من هذا؟

٢ - ولا أدري لماذا لا يختار الأستاذ في حديثه عن (الوجودية) إلا ما قاله أشد الناس عداوة لها؟ ولماذا يرميها بأنها (نظريات فلسفية قاتمة ولفتت اجتماعية لا تخلو من الشذوذ لأنها قامت على أنقاض انهيار نفسي نزل بالواعية الاجتماعية الأوربية بتأثير الحرب الكبرى الماضية). . . وهي ليست من كل ذلك في شيء؟ لماذا يقف منها الموقف وهو العليم بعناصرها الطيبة الكريمة وبقواعدها السليمة الصحيحة؟ أيكون ذلك من الأستاذ الجليل لمجرد أن يكون لسانه عليها وقلبه معها! إن الأستاذ يعلم دون شك أن الوجودية تقوم على الحرية العريضة لبني البشر، وتحميل الإنسان - ما دامت له هذه الحرية - المسئولية كاملة غير منقوصة، وأنها تقوم على الرجولة والصراحة ونبذ النفاق والضعف. . . وإن زعيمها (جان بول سارتر) ليسعى جاهداً لتكون الفلسفة والأدب (خير معين أبني البشر

<<  <  ج:
ص:  >  >>