المجتمع، ولكننا بعد هذا ثراه في أقصوصة (ثورة الآلهة) وهي أقصوصة رمزية عن فنانة إنسانة. نرى الأستاذ يوسف يحرمها الزواج ويرفعها إلى مصاف الآلهة، ويريدها فنانة للفن، وللفن فقط مثلاً في المجتمع. وهكذا التوت القصة على نفسها فهي إن كانت تعيش للمجتمع فلابد أن تحس به لتنتقل؛ وإن كانت تعيش للفن فلابد أن تنقطع عن المجتمع وتستلهم الوحي وحده - إن وجد - وهكذا أيضاً تتعارض الأقصوصة مع روح الأستاذ أمين.
وقد يقول الأستاذ أمين أنه قصاص ينقل ولا شأن له المجتمع وهذا الكلام معقول لو لم تتجه أغلب أقاصيصه إلى ناحية اجتماعية معينة. وهذا القول بطبيعة الحال لا ينطبق مطلقاً على الأقصوصة الرمزية، لأن القصة الرمزية في أصلها فكرة مجردة في ذهن القصاص، وأراد أن يعبر فعبر عنها بقصة فهو يرمز، وهي بخلاف الأقصوصة الواقعية التي هي في الأصل صورة من الحياة تنقل نقلاً، أو صورة ترسم رسماً لتشابه صور الحياة.
وبعد فالمجموعة تضم أقاصيص بلغت غاية الروعة. ولا ينقص المجموعة هذه المآخذ الهينة التي أحاول أن آخذها على الأستاذ أمين غراب، فأقصوصة (المذياع الحكيم) و (مائة دجاجة وديك) و (الفناجين الحمر) وغيرها، كلها أقاصيص تؤكد أن الاسم الذي يتمتع به الأستاذ أمين يوسف غراب إنما يدل على أن صاحبه يستحقه، ويستحق معه كل إكبار وتجلة.