للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الخطاب وقد ورث كثيراً من صفات عمر وأخلاقه كما كان يحاول التشبه بخاله. . ويروى أنه وهو غلام صغير كان يأتي عبد الله بن عمر لمكان أمه منه ثم يرجع إلى أمه فيقول. . يا أمه أنا أحب أن أكون مثل خالي)!

يقول فيه جرير عندما كان واليا على المدينة

إليك رحلت يا عمر بن ليلى ... على ثقة أزورك واعتمادا

إلى الفاروق ينتسب ابن ليلى ... ومروان الذي رفع العمادا

تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزاد زاد أبيك زادا

وأنت ابن الخضارم من قريش ... هم نصروا النبوة والجهادا

وكان يقال له (أشج بني أمية) وكان قد رمحته دابة من دواب أبيه فشجته وهو غلام فدخل على أمه فضمته إليها وعذلت أباه ولامته؛ إذ لم يجعل معه حاضنا؛ فقال لها عبد العزيز (اسكتي يا أم عاصم فطوبى لك أن كان أشج بني أمية) وقيل كان ابن عمر يقول (يا ليت شعري من هذا الذي من ولد عمر في وجهه علامة يملأ الأرض عدلاً)؟

ولى المدينة سمة ٨٧هـ. . ثم إن الخليفة الوليد بن عبد الملك ضم إليه بعد ذلك مكة والطائف فأصبح عمر بذلك أميراً على الحجاز كله. . وولى الخلافة سنة ٩٩هـ إلى سنة ١٠١هـ.

على أن عمر في عنفوان شبابه لم ينس نصيبه من حياة الترف في حدود الاستمتاع الحلال المشروع حتى إذا حمل أعباء الخلافة نفض يده من الدنيا جملة. . تقول كتب التاريخ في هذا الصدد (ذكروا أن عمر كان أعظم أموي ترفها. فلا يمر في طريق ولا يجلس في مكان إلا عرف برائحته. وكان يمشي مشية تسمى العمرية كان الجواري يتعلمنها من حسنها وتبختره فيها. وقد ترك كل شيء كان فيه لما استخلف غير مشيته فإنه لم يستطع تركها. . قال مسلمة بن عبد الملك: دخلت على عمر أعوده فإذا عليه قميص وسخ فقلت لامرأته فاطمة وكانت أخت مسلمة (اغسلوا ثياب أمير المسلمين، فقالت نفعل؛ ثم عدت فإذا القميص على حاله فقلت ألم آمركم أن تغسلوا قميصه؟ فقالت: والله ما له غيره!

كل هذا يصور لنا بجلاء أنه لم ينس نصيبه من الدنيا في شرخ صباه فلما أن أولى الخلافة خرج عن جميع ما كان فيه من النعيم في الملبس والمأكل والمتاع.

وناحية أخرى تميز بها عمر عن باقي خلفاء بني أمية. . فما إن تولى خلافة المسلمين حتى

<<  <  ج:
ص:  >  >>