للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولما كانت للبديعيات أثرها الخطير ومكانتها الأدبية الملحوظة في المدرسة الأدبية كان من البديهي أن يتناولها القوم بالتعليق والشرح، فظهرت فكرة (شروح البديعيات) في القرن الثاني عشر، كما ظهرت فكرة التشطير والتربيع والتخميس والتسبيع وغير ذلك من أنواع التشطير. فوضع صدر الدين الحسيني (١١٢٠هـ) بديعية (أنوار البديع في أنواع البديع) في مائة وثمانية وأربعين بيتاً. وكان الناظم كلما وضع بيتاً من أبيات بديعيته أتبعه بما قاله السلف قبله مبتدئاً بصفي الدين.

وعلى هذا المنوال نسيج الشيخ عبد الغني النابلسي المتوفى سنة ١١٣٤هـ في بديعيته المسماة (نفحات الأزهار على نسمات الأسحار، في مدح النبي المختار (وهي بديعية طويلة تقع في مائة وخمسين بيتاً. كما وضع أخرى تقع في مائة وواحد وخمسين بيتاً تسمى (مليح البديع في مدح الشفيع).

وتلاهما قاسم البكره جي (١١٤٨هـ) في بديعية تقع في مائة وثلاثة وخمسين بيتاً تسمى (حلية العقد البديع في مدح النبي الشفيع)، وعلي بن محمد القلعي (١١٥٨هـ) في بديعيته المسماة (مفتاح الفرج في مدح عالي الدرج).

وفي القرن الثالث عشر ظهرت (بوادر التحول) والانتقال في حياة البديع، وقد كان للنشاط السياسي في مستهل ذلك القرن - وهو فجر النهضة - أثره القوي في الحياة الفكرية. . . فظهر جماعة من شعراء النهضة عالجوا البديعيات في دواوينهم علاجات تجلت فيها روح إنسان يحاول أن يميز بين يومه وأمسه. . . ونجح بعض الشعراء الذين آمنوا بما كان يخالجهم من ضرورة إلى التجديد، منهم محمود صفوت الساعاتي (١٢٩٨هـ) إذ نظم بديعيته سنة ١٢٧٥هـ في مائة واثنين وأربعين بيتاً معارضاً بها بديعية ابن حجة الحموي، وعنى بشرحها المرحوم عبد الله باشا فكري ناظر المعارف العمومية في ذلك الوقت.

وفي أوائل القرن الرابع عشر تبلبلت ألسنة المتأدبين بين (التقليد والتحرر) بين المذهب التقليدي الذي ورثوه ومذهب التحرر الذي نودي به في عصر النهضة.

فمن البديعيين جماعة غلبت على أنفسهم الروح التقليدية فنظموا البديعيات على الطريقة التي نظم عليها من سبقوهم وذكوا كل ما وصل إليه توليد القدماء والمتأخرين والمحدثين من فنون البديع. ومن هؤلاء محمد أمين العمري المتوفى سنة ١٣١١هـ ومحمد بدر الدين

<<  <  ج:
ص:  >  >>