للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العراق بكسر الواو. في كلمة (اضرب) بفتح الراء مع قلب الضاد دالا، إلى ضروب أخرى من اضطراب المنطق وفساده في هذه اللهجة المختلفة باختلاف الأقطار. وعلى هذا لا مناص لنا من إصلاح المنطق، وتقويم الألسنة، الحل الوحيد لهذه المشكلة، وفيه المحرج من هذا المأزق.

إنا نقرهم على أن الإعراب في اللغة المحلية لم يعد علمياً وليس من السهل الالتزام به، ولكن التخلي عن الإعراب في المنطق شئ، والتخلي عن سلامة المنطق وتقويم اللسان وفتح الباب على مصراعيه للكلمات الدخيلة أو العامية الفاسدة شتى آخر. وفي وسع الدول التي تعتز الآن بالفصحى وتنص في دساتيرها الأساسية على ذلك، وهي الدول العربية، وفي وسع الجهات المعنية بشئون الثقافة في الدول المذكورة أن تعمل كثيرا في هذا الشأن.

فما المانع الذي يمنعها من العناية بتوحيد المصطلحات في معاهد العلم وفي غيرها من سائر مصالح الدولة؟ وما المانع الذي يمنعها من السعي إلى إصلاح المنطق وتوحيد اللفظ في اللهجات المختلفة على وجه يسهل التفاهم بها في المجتمع وبين الطبقات؟ وما المانع الذي يمنعها من توحيد مناهجها في تعليم اللغة العربية؟

لا نبالغ إذا قلنا إن المصري في لهجته إلا بعناء. ولا يعد تغاير الكلمات، والتعابير المولدة خطراً كبيراً في حد ذاته على اللغة، الذي الكلمات عربي الأصل والمادة، ولكن الخطر الذي يتهدد الفصحى كامن في واضطراب واختلاف النبرات وتباين اللفظ، ليخشى أن تصطنع اللهجة الفاسدة المولدة في بعض الأقطار مع الأيام، وتنسى الأم التي ولدت منها. ولولا الثقافة الإسلامية التي تقوم على أساس متين من مدارس الكتاب وتفسيره، ورواية الحديث وحفظه، لوقع ما كنا نخشاه.

لقد آن للمجامع اللغوية، وفي طليعتها هذا المجمع المعنى بشئون الفصحى، وجعلها وافية بمطالب الحياة والحضارة في هذا العصر، أن تعني بهذه الناحية، وبالبحث عن طريقة لضبط النطق واللفظ في الأقطار، وتخليص لهجاتها من هذا الاضطراب. ولا يستحيل ذلك في عصر تعددت فيه وسائل التفهيم والتلقين. والمجمع بحكم وظيفته مطالب بالكف من غلواء دعاة اللهجات وتغليبها، خصوصا إذا علمنا بأن هذا الجفاء القديم بين الأم وبناتها الناشزات يسير إلى غاية تلك التي انتهت إليها اللغة اللاتينية مع فروعها، إذ سينتهي

<<  <  ج:
ص:  >  >>