للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والآراء. وتعالوا انظروا، تروا الشباب في الطريق، والشيوخ في الأسواق، والطلاب في المدارس والنساء في البيوت، وحول كل راد، وأمام كل بائع جريدة، على ألسنتهم جميعا حديث مصر، وفي قلوبهم جميعا حب مصر، وفي عروقهم تغلي الدماء لمصر، وشوقا إلى السفر لمصر، للجهاد مع أهل مصر.

الشعب هنا كله معكم، والحكومة معكم، كلهم مع الحق الذي هو معكم، وعلى الباطل الذي هو مع عدوكم.

وسيكون الظفر والله معكم.

أن هذا المصائب امتحان للشعوب، لصبرها ولرجولتها. وإن هذا الشعب العربي قد جاز آلاف المحن، وخرج منها فائزا مجليا.

أي أرض فوق الأرض، وأي مكان تحت النجم، لم يوار فيه هذا الشعب شهيدا من شهدائه، ولم يبلغه رائد من رواده، ولم يرفع علمه يوما عليه، ولم يشهد ظفرا له، ولم يسمع العسكري، يهتف به الجندي المسلم، فيرتج منه كل واد، ويرتجف كل جبل، وتميد كل فلاة: (الله أكبر).

(الله أكبر) هذا هو نشيدنا في حزبنا، وهتافا لصلاتنا، لأن (الله أكبر) من إنكلترا، ومن يشد أزرها. (الله أكبر) من مدافع الإنكليز، ودباباتهم، وطياراتهم، وأسطولهم.

فلا تخافوا سلاحهم فإن أجدادنا ما حاربوا الأبيض والأسود، ولا فتحوا الشرق والغرب، ولا ملكوا ثلثي العالم المتمدن في الثلث قرن، لأن سلاحهم أمضى، أو لأن عددهم أكثر ما انتصروا إلا بالإيمان.

الإيمان مكن للفئة منهم أن تغلب الجيش الكبير من أعدائهم. الإيمان جعل السيوف الملفوفة بالخرق، أمضى في أيديهم من المهندات المذهبات في أيدي خصومهم. الإيمان أظفر الأمة البدوية الجاهلة المتفرقة، وإمبراطوريتي الزمان: فارس والروم، ففتحت بلادهما، ووزنت أرضعتها، ثم أنشأت حضارة خيرا من حضارتهما، ومدينة أزهى وانتفع من مدنيتها.

الإيمان بالله، والإيمان بأن الحق معهم.

فإذا كنتم مؤمنين بأنكم تدافعون عن حقكم، فلن يغلبكم أحد، لا الإنكليز ولا حلفاء الإنكليز.

ولقد حاربت جماعات من أهل الشام فرنسا، يوم كانت فرنسا أقوى دول أوربة في البر، في

<<  <  ج:
ص:  >  >>