للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أعقاب الحرب العالمية الأولى وما كان لهم سلاح إلا الذي يأخذون من جنود فرنسا؛ ومع ذلك فقد وقفت فرنسا بدباباتها ومدافعها سنتين أمام مئات من الثوار، يقودهم خفير عامي من دمشق اسمه حسن الخراط.

فكيف ومصر الدولة العربية الكبرى، وفي مصر العدد والعدد والمال، ومع مصر كل قطر عربي، وكل بلد مسلم!

إنه ليس على ظهر الأرض شعب كهذا الشعب الذي صب محمد البطولة في أعصابه، حتى لا يكون المرء عربياً ولا يكون مسلماً حتى يكون بطلاً.

أما ترون العربي إذا دعى باسم العرض، أو دعى باسم الأرض، أو دعى باسم الدين، كيف تغلى دماؤه في عروقه فيحس حرها في قحف رأسه؟ وكيف تشتد أعصابه، وتفور عزيمته، حتى ليقحم النار، ويركب الأخطار؟

أما ضرب هذا الشعب على بطولته ونخوته الآلاف الأمثلة في الماضي وفي هذه الأيام؟

أما حارب عبد القادر فرنسا سبع عشرة سنة؟ أما نازل عبد الكريم فرنسا وأسبانيا معاً؟ أما قاتل العراقيون الإنكليز في الرميثة؟ أما فعل الفلسطينيون سنة ١٩٣٦ الأفاعيل؟

أما كان لمصر سنة ١٩١٩ الأيام الغر المحجلات في مواكب الزمان؟

فإن مضى سعد، فكلكم يا أهل مصر سعد تسعد به مصر.

فإلى السلاح جميعاً، وإلى الحرب. وإن فقدتم السلاح فحاربوا بالعصي، وحاربوا بأيديكم، واطلبوا الموت يعجزوا عنكم، لأنهم لا يستطيعون أن يقتلوا عشرين مليوناً تريد الموت.

وقبل حرب الميدان، حاربوهم بالعلم، وبالأخلاق، وبالدستور الاقتصادي الصحيح، وأعدوا لهم كل أنواع القوى: قوة الجسم وقوة العقل وقوة القلب وقوة المال وقوة الجيش.

ونحن جميعاً معكم:

هذي يدي عن بنى (قومي) تصافحكم ... فصافحوها تصافح نفسها العرب

دمشق

علي الطنطاوي

قاضي دمشق

<<  <  ج:
ص:  >  >>