وطنيا تابعا للشرق الفرنسي، فأقبل على هذا المحل مئات من أصدقائه وتلاميذه وهم النخبة الطيبة والفئة القوية المؤمنة في مصر. وأول ما صمم عمله في محفل الجديد الدعوة لإصلاح جهاز الحكم كوسيلة لإعداد الشعب المصري ليحكم نفسه بنفسه بالطرق الدستورية. فألف داخل المحفل عدة لجان لتحقيق هذه الأغراض والاتصال برجال الحكومة (النظار) ومطالبتهم بالإصلاح على اختلاف أنواعه بأسلوب حازم ولهجة قوية ترددت أصداؤها في قصر عابدين، فأستزار الخديوي جمال الدين ليراه بعينيه ويسمع عنه بأذنيه، فكانت الزيارة. ورأى الخديوي من شخصية جمال الدين الكبيرة ما بهره ومن دفاعه عن الشعب المصري وحقوقه ما أخافه؛ فأمر بإخراجه من القطر المصري فذهب جمال الدين إلى السويس ليسافر منها إلى الهند فأتاه بعض مريديه من التجار يحملون مبلغا من المال عرضوه عليه فرفضه في أباء وشتم وقال لهم: انتم إلى هذا المال أحوج، والليث لا يعدم فريسة حيث ذهب.