كالمسيحية والبوذية، ما عدا الديانة الإسلامية. ووجد الإسلام نفسه في هذه المنطقة دون منافس من ديانات أخرى مدة قرنين، فكان هذا الوقت، كافيا لصنع المعجزة في نفوس هؤلاء الكباش الوثنية الذين عرفوا بعض الشيء عن هذا الدين عن طريق صلاتهم السابقة مع الخورزيين ومن تحصيل الحاصل أن يعتنق الكباش الإسلام في مثل ظروف من هذا النوع والتاريخ يعرف أمثلة كثيرة لشعوب رحل، أخضعت شعوبا لسلطاتها شعوبا مستقرة أكثر حضارة منها، ثم اعتنقت بعد ذلك ديانة المغلوبين.
فنرى من ذلك أن تولد لا ينكر الدور المهم الذي لعبه الإسلام بين الخرز، وهو يرى أنه لم يصبح الدين الذي يعتنقه معظم الناس.
أما مصير الإسلام بعد سقوط هذه الدولة، فقد مر عليه في ذلك الكتاب مر الكرام، ولم يفكر فيه. أما ما يتعلق بإسلام الكبشاك بصورة عامة، فيجد في كتابه المذكور الشيء الكثير من التناقض.
وأول ذلك التناقض قوله:(إن قسما من الأوغاز (وهم أقوام من الترك سبقوا الكباش إلى أوربا الشرقية) الذين استقروا في مجرى نهر الفولجا الأسفل، قد اعتنقوا الإسلام أثناء أيضاً، ولكن ذلك لم ينفذ إلى قلوبهم وإنما كان طلاء وزيفا، وبقى عدد كبير منهم يمارس المعتقدات الشامانية. ولا شيء يثير الدهشة إليه من سطحية إسلام هؤلاء الكبشاك، لأن الشعوب التي تعتنق ديانة جديدة ولا سيما الرحل منها، تظل بحكم العادة أقرب في معتقداتها إلى الديانة القديمة منها إلى الديانة الجديدة. وعلى سبيل المثال، فقد كان ذلك، كما هو معروف في التاريخ، شأن قسم من القبائل الروسية حتى القرن عشر الميلادي، وربما بعد هذا التاريخ. ولكن الذي الدهشة، أن يجد المرء في نفس الوجه من كتاب بار تولد الذي نتحدث عنه زعمين متناقضين؛ فهو برغم من جهة (أن المنطقة الواسعة التي استقر فيها الكبشاك، كانت في ذلك الوقت، خارج منطقة النفوذ الإسلامي، وفي القفقاس اشترك الكبشاك في القرن الثالث عشر الميلادي، في الهجوم على البلاد الإسلامية) وبعد اسطر غير قليلة يقول: (والمصادر الإسلامية تدلنا بصورة لا تقبل الشك، أن الكبشاك والقانجلوس (من الشعوب التركية ولعلهم من أبناء عمومة الكبشاك) قد اعتنقوا الإسلام في القرن الثاني عشر عن طريق صلاتهم مع الخورزبين).