وفي صفحات سابغة من الكتاب نفسه يقول البر فسور بار تولد:(كان لا يزال في الشمال الغربي من آسيا عدد كبير من القبائل التركية الرحل، الذين على الرغم من اتصالهم بالحضارة الإسلامية، كانوا يحملون العداء للدين الإسلامي. ونجح الكبشاك في القرن الحادي شر في توسيع مدى هجرتهم إلى عشر في توسيع مدى هجرتهم حتى وصلوا في تلك الهجرة إلى تخوم البلدان الإسلامية في الجنوب، وأصبحوا جيران الخورزبين.
كيف يمكن تعليل هذا التناقض؟.
ليس من اليسير على، ولا من المبهج لنفسي، أن أخالف الرأي علامة من طراز بار تولد النادر، وأشعر وأنا أفعل ذلك بالشيء الكثير من عدم السرور. والذي يشفع لي في تلك المخالفة ويجرؤني على انتقاد آرائه، أن النتائج التي يصل إليها علامة عظيم، إذا لم تدعمها المصادر التي لا مفر من الاستناد إليها (كالتي نحن بصدها)، فإن فقدان تلك المصادر، يولد حالة تنحرف بالحقائق عن مجراها الصحيح، وندفع الآخرين إلى ذلك الطريق الممهد، مهملين التعمق في دراسة المشاكل التي لا يعرف عنها إلا القليل.
والذي أراه أن رأي بار تولد في الأمر، ينبغي أن يفسر كما يأتي: وقبل كل شيء ينبغي أن تعرف أولاً، أنه كان معنياً أشد العناية بتاريخ أواسط آسيا، وحينما امتدتالحوادث إلى القسم الغربي من الفولجا، لم يكن دقيقاً في الإحاطة بها. وثانياً فيما يتصل بالقبائل الكبشاكية التي احتلت مملكة الخزر القديمة، فيجب أن نفرق بين الجماعات الرحل وغير الرحل منهم، فإن أولئك الذين امتزجوا بالخرز واستقروا إلى جانبهم، راحوا يعتنقون الإسلام بالتدريج. وأولئك الذين بقوا على عهدهم الأول من البداوة، استمروا على وثنيتهم الأولى، أو كان الإسلام عند الذين اعتنقوه منهم، ليس غير طلاء خارجي لم ينفذ إلى مواطن الإيمان من نفوسهم.
ومما يجعل طريقة إسلام الكبشاك غامضة نوعا ما، أن المؤرخين من الروس لم يهتموا بهم كثيراً ولا قليلاً. وبهذه المناسبة يجدر بنا أن نذكر أن الأستاذ (ن. بارسوف صاحب المؤلف الرائع (الجغرافيا التاريخية لروسيا القديمة) كان قد أشار منذ مدة طويلة إلى أن مؤرخي الروس كانوا يكرهون التحدث عن الإسلام اشد الكره، وانهم كثيراً ما كانوا - بدافع من بغضهم المتأصل للإسلام - يخلطون بين المسلمين والوثنيين. ومن الجديد بالذكر