للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فيفهم من هذا فهما جليا، أن البكتريوفاج لا يشفي من جميع الأمراض وإنما يشفي من مرض الهيضة والدوزنطاريا لأن هذين المرضين يشتركان في أنهما اختلال في الأمعاء. ويفهم أيضاً أن البكتريوفاج لا يضاد جميع الجراثيم المضادة التي ينقل الذباب بواسطتها الأمراض إلى الناس، وتكلم الدكتور عنها وعددها في الفصل الثاني من رسالته، فذكر منها السل والدراخوما والتيفوئيد والزحار والطاعون والحمرة والجمرة الخبيثة والكوليرا والجذام والتيفوس والرمد بأنواعه.

وبهذا يتضح أن الذباب لا يأخذ البكتريوفاج إلا من براز الناقهين من مرض الهيضة، وهذا لا يوجد في كل زمان ومكان. وأما الخلاصة التي ذكرها عن مجلة التجارب الطبية والتي تحتوي على المادة البكتريوفاجية، فالبكتريوفاج فيها حاصل بالتطعيم ولم يأخذه الذباب من الخارج، إلا أنها تدل على أن الذباب فيه خاصية توليد المادة البكتريوفاجية المضادة لأربعة أنواع من الأمراض لا للأمراض كلها، وهذا لا يلزم منه أن يكون الذباب مطهرا بالبكتريوفاج من جميع الأدواء، ولا شافيا من جميع الأمراض، كما أنه لا يستوجب غمس الذباب في الشراب على الإطلاق. أما الحديث فإنه يطلق الأمر بغمس الذباب ولم يقيده بشيء.

هذا ما نستخلصه من كلام الدكتور للجواب على السؤالين المذكورين في صدر المقال ثم نقول

إن البكتريوفاج لا يخلو من أحد أمرين، إما أن يكون موجودا في الذباب دائما وأبدا وشافيا من جميع الأمراض، وإما أن لا يكون كذلك. فعلى التقدير الأول يلزم أن نتخذ الذباب في حياتنا واقياً لنا من جميع الأمراض، وأن نعني كل العناية به وبتنميته وبتكثيره في بيوتنا وألا نتحاشاه، بل نضعه في أطعمتنا وأشربتنا لنأمن به من عاديات الأسقام وجائحات الأمراض.

وإذا كان هذا حقا فلماذا نرى الدكتور في رسالته يصيح بالناس صيحة النذير العريان، فيحذرهم من أخطاره وينذرهم بأضراره، ويستحثهم على محوه واستئصاله، كما أطال الكلام بذلك في الباب السادس والسابع والثامن من رسالته.

وأما على التقدير الثاني، وهو أن البكتريوفاج لا يوجد في الذباب دائما وأبدا، وإنما يوجد

<<  <  ج:
ص:  >  >>