لترجمة الأستاذ العزاوي بحثا مستفيضا نقدمه للقراء في فرصة أخرى.
إبراهيم الواعظ
إلى المعقبين
لعل من أخص ما تمتاز به (الرسالة) على زميلاتها الأخريات وأوضح مظاهر قوتها هو هذه الكتيبة المسلحة المرعبة المؤلفة من حضرات المعقبين على شتى مذاهبهم وألوانهم، وإن إعجابي بهذه الكتيبة المسلحة المتيقظة لبالغ حد التعصب لها؛ ولكن هذا الإعجاب لا يمنعني من التصريح بما يدور في خاطري وما يتردد في ذهني من حين إلى آخر بشأنها. فمثلا ألاحظ أن بعض حضراتهم يجهد نفسه في تحقيق بعض كلمات لغوية قد شاعت وأصبح إحلال الكلمة القياسية محلها عسير الهضم على أفكار الأدباء والكتاب، لأن الكلمة قد أخذت مدلولها بين المتكلمين بيد أن تصحيحها لا يضفي عليها معنى جديدا أو زيادة مستحدثة، ولأن عملهم هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنهم لا يقرؤون للفهم والاستفادة بل للبحث عن هفوة لغوية أو سقطة نحوية وبذلك يضيعون على أنفسهم - كما قال الأستاذ عبد الحميد جودة السحار - زبدة البحث وعصارة المقال. ومما يدل على صحة هذه النتيجة أنهم إنما يقرؤون لا لوجه الكاتب أو الشاعر بل للقنص والصيد، أن بعض التراكيب قد يكتبها الكاتب لتؤدي معنى بعينه فإذا بها تؤدي عكس الذي قصده الكاتب ثم تمر على إفهامهم فلا تحرك لهم ذهنا أو تثير لهم خاطرا؛ فمثلا جاء في مقال للدكتور محمد يوسف موسى في عدد الرسالة الممتاز - وكنت أنتظر أن يعقب على ما كتبه أحد منهم فلم يحصل -. . وقد ختم الله رسالاته ورسله ولكنه ترك لنا بعد هذا ما إن تركناه لن نضل وهو القرآن العظيم. . ولكي يكون المعنى الذي قصده الدكتور مستقيما يجب أن يقال ولكنه ترك لنا بعد هذا ما إن تمسكنا به لن نضل (ولكن هذا ذهب في غمار فسح وأفسح ومهيب ومهاب. بقي شيء آخر أحب أن ألفت نظر حضرات المعقبين إليه ألا وهو أدب الخطاب في التعقيب، فقد قرأت في العدد ٩٦٤ تعقيبا للأستاذ الأبشيهي ختمه بقوله. . فإن كان قد ألقى الحديث على عواهنه فقد علم القاعدة منذ اليوم (فهل في هذه الجملة ما يشعر بالاحترام؟ وإلا فأي كاتب هذا الذي يلقي الحديث على عواهنه؟ وقرأت في العدد ٩٦٧