منها إلى كشمير لقضاء فصل الصيف. وفي أواخر عام ١٦٢٧م. حيثما كان عائدا من مصيفه بكشمير مرض مرضا شديدا ومات في الطريق ببلدة (بهمبار) ومنها نقل جثمانه إلى حديقة (نور جاهان) المعروفة باسم حديقة (دلكوشا) بشاه دارا إحدى ضواحي مدينة لاهور. وهناك كانت (نور جاهان) بجانب نعش زوجها تبكيه بدموع غزار إلى أن ووري التراب، وأمرت بإقامة ضريح فخم له. وبعد أن تمت مراسيم الدفن أعلن الأمير (شهريار) نفسه إمبراطورا في لاهور، تؤيده حماته، وفي نفس الوقت طير (آصف خان) نبأ موت الإمبراطور إلى صهره (شاه جهان) الذي كان بالدكن فأسرع نحو الشمال برفقة (مهابت خان) على رأس جيش كبير ليفوز بالعرش. وشغلا للعرش الشاغر بأكرا نصب (آصف خان) ابن خسر (دوار بخش) إمبراطورا إلى حين وصول (شاه جاهان) ثم تقدم على رأس جيش قوي إلى لاهور. وهناك حاولت (نور جاهان) أن تتصل بأخيها لتستميله إلى جانبها ولكنه أعرض عنها وانقض على جيش شهريار وهزمه هزيمة ونكرة وأسر (شهريار) وسملت عيناه ثم قتل بعد ذلك. ولما وصل (شاه جاهان) أعلن آصف خان الإمبراطور المؤقت على الهرب؛ أما أتباعه واتباع شهريار ونور جاهان فقتلوا شر قتلة، وكان الإسراف في القتل شديدا لدرجة ألجأت بعض نساء القصر إلى الانتحار. وهكذا سار شاه جاهان إلى العرش في طريق مخضب بالدم مرصوف بالجماجم. وكان ذلك في السادس من شهر فبراير عام ١٦٢٨ م.
أما (نور جاهان) فلم تمس بسوء، أو تمتهن كرامتها، بل لقيت كريم الصفح، وعظيم الاحترام والعطف، وأجرى عليها الإمبراطور الحليم معاشا سنويا ضخما يضمن لها حياة كريمة. ولما رأت يديها خالية من زوجها الحبيب، وصرح آمالها منهارا أمامها، والدنيا عنها مدبرة، لبست الثياب البيضاء حدادا على زوجها، واعتزلت الحياة العامة، وزهدت في مظاهر البذخ والأبهة، وعاشت مع حفيدتها أرملة (شهريار) عيشة بسيطة إلى جانب قبر زوجها في لاهور إلى أن ماتت في الثامن من شهر ديسمبر عام ١٦٤٥.
طافت برأسي قصة هذه المرأة العظيمة وأنا واقف بحديقتها بشا هدارا بعد أن متعت نفسي بمشاهدة ضريح زوجها الرائع الذي قست عليه يد الإهمال، وشوهت الكثير ممن محاسنه، وسألت رائدنا عن ضريحها الذي توقعت أن يكون في عظمة باقي آثار المغول. فأشار بيده