للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أمر الإمبراطور له بالتخلي عن القيادة العليا للجيش، وبتولي حكومة ولاية بنغالة. فأبدى الأمير (بافز) استيائه العظيم واحتج عبثا على سوء معاملة القائد الأكبر الذي عيل صبره واشتم رائحة الغدر، فاعتزم أمرا خطيرا وهرب في خمسة آلاف مقاتل من الراجبوت الاشداء، وأخذ يقتفي أثر الإمبراطور فشاهده يعبر قنطرة على نهر (جهيلم)، بعيدا عن حرسه، فأطبق عليه وأسره. وكانت مفاجأة مؤلمة لمعسكر (جاهان جير) ووقع عليه اضطراب عظيم، وهربت (نور جاهان) مع أخيها (آصف خان) الذي كان معها. ولكن عز عليها أن تتخلى عن زوجها في محنته، فدبت فيها النخوة والحمية والنجدة فكرت راجعة وحضت قائد الجيش (فدائي خان) الذي قام بهجوم عنيف لم يكتب له النجاح لفرار الضباط والجند، ولحالة الفوضى التي كانت سائدة. وعندئذ تجلت شجاعة هذه المرأة العظيمة، فامتطت ظهر فيلها الهائل، وتقدمت به على من تبعها من الجند الذين دهشوا لجرأتها، فهجمت على الأعداء هجمة صادقة وهي تمطرهم بوابل من السهام، وحاولت في تقدمها عبور النهر، ولكن أسرع جنود (مهابت خان) إلى إشعال النار في القنطرة، فلم يثن ذلك عزمها واستطاعت أن تصل إلى الشاطئ في وجه مقاومة عنيفة، تتطاير السهام من حولها، وتتفجر الكرات النارية حول هودجها. وهنا بلغ الروع أشده والفزع غايته، وأخت الخيل والأفيال والفرسان تتساقط في النهر وتداس وتعرك. ثم قتل سائق فيلها فجمح فيها الفيل وغاص في ماء النهر، ولكنه بلغ بها الشاطئ مرة أخرى فأندفع بها النسوة يعولن، والمخلصين من الجند والحاشية يدرءون عنها السهام والرماح بأجسامهم، ويفدونها بأرواحهم. أما هي فجلست هادئة، مخضوبة بالدم، تنزع سهما أصيبت به حفيدتها من شهريار، وتضمد جراحها هي. ولما رأت إن لا جدوى من المقاومة، رضيت بالسر مع زوجها، عساها تستطيع إنقاذه. أما أخوها فأرتد بالثلاثة آلاف مقاتل الذين كانوا معهم واعتصموا بحصن قريب. وفي الأسر استخدمت أسلحة أخرى فعلت ما لم تفعله أسلحة الحرب. استعانت بذكائها ودهائها وجمالها. . . فاستمالت إليها ضباط (مهابت خان) ثم استولت على كنوزه. . . ولما رأى ذلك نجا بنفسه وبنفر قليل من أنصاره وفر إلى الدكن حيث وافى (شاه جاهان) وتحالف معه على (نور جاهان) واستعجل القدر خاتمة الرواية فمات الأمير (بار فز) عام ١٦٢٦ م. أما الإمبراطور المسن فقد تابع سيره إلى كإبل ثم عاد

<<  <  ج:
ص:  >  >>