في (كبار المشايخ) وهم حماة الدين، ودعاة اللغة، ورعاة العادات، وسدنة المقدرات القومية.
وسجل التاريخ للشعب المصري كفاحه ضد الاستعمار الإنكليزي في المحافل الأوربية التي هزها الشاب المجاهد مصطفى كامل، خطابة وكتابة، فكان له (اللواء) الأعلى في الدفاع عن القومية المصرية.
أما (السعي بكافة الطرق السلمية المشروعة في سبيل الاستقلال - كما أراد سعد زغلول - فإنه لم يدفع بالقضية إلى الأمام كما كان منتظرا بعد مصطفى كامل، بل أصيبت بنكسة مزمنة باضت جراثيمها وأفرخت في أدمغة أذهلها الفراغ الفكري عن حدود (الوكالة) التي أجمعت عليها الأمة (الطيبة القلب) من أصحاب الجلابيب الزرقاء)
وفي سنة ١٩١٩ نهض زغلول فرفع مذكرة الوفد المصري إلى الميسو فريسنييه رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي يستصرخه في التحرر من الحماية الإنجليزية وجاء في هذه المذكرة المعروفة:
(. . هل مصلحة فرنسا العامة يمكن أن تلزم حكومة الجمهورية بأن تتخلى كلية عن الشعب مدينته الحديثة ظاهرا عليها الروح الفرنسية، عن شعب تربيته ونظامه الإداري والقضائي يحمل الطابع الفرنسي، عن شعب تشغل الآداب الفرنسية عنده المحل الأول كما يظهر ذلك لكل من يلاحظ ذوق الخاصة، ومن يطلع على الآداب الوطنية.
مهما يكن من أمر تلك المصالح التي تدفع حكومة الجمهورية للتنازل عما لفرنسا من السيادة إليها في مصر، يستحيل معها - حتى ولو كان ذلك من مصلحة الديمقراطية الفرنسية - أن تنكر فرنسا تعهداتها التي ارتبطت بها نحو الأمم الصغيرة. .)
ماذا؟ أهو دفاع عن استقلال أم اعتراف بانحلال؟. . وهل في سبيل المجاملة العرجاء، تزل قدم المحامي حتى يوقع موكله في ورطة مزرية،؟. . ومن أين لفرنسا هذه (السيادة الأدبية في مصر) وذئابها الفاتكة حتى يئست منها فعادت إلى بلادها جائعة تتلوى؟
وليس أمعن في الانحلال من الشعور بصعوبة التخلص منه والندم على الاستعمار كلما تقلص ظله، فليتأمل كل مواطن بصير هذا الخطاب الذي وجهه زغلول مصر إلى المسيو موريس لونج مقرر اللجنة البرلمانية الفرنسية، ومقرر المسألة المصرية لدى لجنة الصلح:
(. . أنه ليشق علينا أن نصدق أن الفرنسيون يقبلون عن طيب خاطر أن ذلك الطابع