مولي لزيد بن ثابت الصحابي وكانت أمة خيرة مولاة أم سلمة زوج النبي (ص) نشا الحسن بوادي القرى وشب في كنف علي بن أبي طالب وعمر وتتلمذ على أنس بن مالك، ولقي سبعين من البدريين، كما أخذ عن حذيفة بن اليمان وعمر بن أبي حصين الخزاعي وعاصر عددا كبيرا من الصحابة فأرسل الحديث عن بعضهم وسمع من بعضهم، وكان قد أظهر ذكاء لامعا منذ صغره، فقد حفظ حفظ القرآن وهو دون سن الأربع عشرة سنة ثم كبر ولازم الجهاد ولازم العلم والعمل.
أستقر الحسن في الأبلة، فالبصرة حيث كان المركز الثقافي الإسلامي خلال العهد الأموي. وفي عام ٣٥هـ شد إلى رجال المدينة، وعند ما عاد إلى البصرة في غضون سني ٣٧ - ٤١ هـ تعقب المناقشات التي احتدمت بين أصحاب الرسول وأحتكم فيها. وأشترك في الجهاد فحارب في جبهة كابل، وبعد ما رجع من الجهاد عارض خلافة يزيد، وأجتلب نحوه الأنظار بما أوتي من حدة الذكاء وحسن البيان، ومهابة وجمال في خلقه وخلقه، فوقع من أنفسهم أسنى مقام وأجل موقع.
أشتغل الحسن موظفا عند الأمويين؛ فكتب للربيع بن زياد والى خرا سان في عهد معاوية. وتقلد منصب القضاء في البصرة مدة من الزمن إبان خلافة عمر الثاني، ثم استقال منها ولم يأخذ على قضائه أجرا. وأعتكف في أحد مساجد البصرة يقوم بالوعظ والإرشاد والتدريس والتوجيه، ويشارك غيره في كثير من الفعاليات الأخرى كما سوف نرى.
حياته السياسية:
يبدو للإنسان إن القدرية كانت أول مدرسة فلسفية في الإسلام، وإنها كانت قد اقترنت (أكثر مما انطبعت) بفلسفة سياسة ذلك العصر. بحيث إنها بدأت تعدو عن كونها فلسفة مجردة، مطلقة، غاية لنفسها، وأخذت تهدف إلى ارتياد العقل، وتحرير الفكر وإعطاءه قيمته الحقة، وبالتالي مقاومة السلطة الحكومية آنذاك. فحمل ذلك الأمويين على التنكيل بأنصارها والفتك بمروجيها، فذهب عدد غير يسير من نوابغ ذلك العصر ضحايا هذا الاضطهاد السياسي. أذكر منهم عمر المقصوص أستاذ الخليفة معاوية الثاني حين وثب عليه بنو أمية وقالوا: أنت أفسدته وعلمته، فطمروه ودفنوه حيا) كذلك انصبت نقمة الاضطهاد على نابغة آخر من معاشري الحسن البصري وهو معبد الجهني، على أنه جاهر بالقدر في مدينة البصرة،