فأذاقه الحجاج الوالي الأموي من العذاب ثم قتله بطلب من عبد الملك بن مروان. وكان معبد من السابقين في القول بالقدر، يذكر عنه الذهبي بأنه كان قدريا وتابعيا صدوقا قتله الحجاج عندما أشترك في ثورة عبد الرحمن بن الأشعث. وقد كان كذلك غيلان الدمشقي قدريا وخطيبا مصقعا وصلب على باب دمشق.
وهناك نصوص تاريخية كثيرة تثبت قدرية الحسن. فيقول المقربزي: إن معبد الجهني وعطاء بن يسار سألا الحسن البصري (إن هؤلاء - يريدان الأمويين - يسفكون الدماء ويقولون إنما نجري أعمالنا على قدر الله) فقال الحسن (كذب أعداء الله) فإنهم الحسن بهذا ومثله لم يكن الحسن يحمل العقيدة مجردة عن العمل، ولم يأل جهدا في الدفاع عن مبدأه والإفصاح عن آراءه بشجاعة، وقد أمضى حياته يصارع مشاكل شتى دون أن يكترث لها مع أنه كان بمقدوره، أن ينال العز والجاه والرغد والرفاه. فالمتصفح لكتاب أبي نعيم (حلية الأولياء ٢ج) يجد أنه قد ترتفع عن هبات الأمويين، وأبدى شجاعة منقطعة النظير في رد المظالم، تارة بتبيان وخامة العاقبة وطورا بالتنديد بالروادع الدينية، ولم يستهدف من ذلك غير الإصلاح الاجتماعي العام، فرفعه ذلك إلى موضع التقدير والإجلال لدى أغلبية الجماهير.
ذكر الشهرستاني وكثير غيره بأن الحسن إنهم بالقول في القدر، والحقيقة أنه كان كذلك، بل أنه كان رئيس القدرية، ورأس حرية الإدارة، والأكثر من ذلك أنه جهر بمخالفة استخلاف يزيد بن معاوية من دون أن يتخوف عاقبة الأمر، على حين أن الشعبي وأبن سيرين لم يجرموا على إبداء رأيهما بصراحة. وكان من أهم أسس عقيدته السياسية إتباع الأصول الإسلامية الأولى، ومعارضته الخلافة الأموية الوراثية، والاعتقاد بمبدأ الانتخاب للخلافة، بيد أنه لأسباب لم نتحقق منها تماما، رفض الاشتراك بثورة أبن الأشعث عام ٨١ - ٨٢هـ، بالرغم من المظالم التي كان يقترفها الحجاج، وبالرغم من اشتراك زملائه بها كعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير، ولعل ذلك كان بسبب اعتقاده الجازم بعدم نجاح الثورة، أو أنه ما كان يسوغ الحرب وسفك الدماء بين الإسلام مهما كانت أسبابها الموجبة، وذلك للصلة الوثيقة بين تصوفه وآراءه السياسية، إذ لم تكن أي حركة من حركاته أو فعالية من فعالياته من قبيل الصدفة والعرض. ومع العلم أنه كان ضد سياسة الحجاج إلا أنه لم يقم