للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإسلامي في العصر الحديث، وانطوت صحائف، وما يزال هؤلاء القادة في مكان الصدارة من التاريخ المجيد، فضلا عن اعتزاز بلادهم بمآثرهم الإسلامية التي لا تنسى.

أما ليبيا التي نعتز اليوم بنهضتها فإنها خضبت تراب بلادها بدماء الشهداء لا من أهلها فحسب؛ بل من المتطوعين من شتى الأقطار الإسلامية، كما أن كثيرا من المصريين بصفة خاصة كان لهم سهم وافر في هذا الجهاد الصادق، وما يزال الليبيون على ذكر من الأعمال التي قام بها عبد الرحمن عزام، وصالح حرب، وعزيز المصري، وعبد المنصف محمود، والمرحوم محمود لبيب، الذين خاضوا غمار المعارك الدموية، مؤمنين باليقظة الإسلامية، والوحدة العربية، والحرية والاستقلال، تحت ظلال السيوف، كما أن الأمير عمر طوسون - عليه رحمة الله - كان جم النشاط في جمع المال اللازم لحركة الجيران المناضلين عن دينهم وشرف الوطن.

والدعوة السنوسية امتداد مستقيم للدعوة المحمدية التي جوهرها تنوير الأذهان وتحرير الأوطان، وقد اقتضت الظروف التي حاقت بالدول الإسلامية في القرن الماضي يقظة فكرية شاملة، ترسم أصحابها خطى النبي المصلح، فلما صدق العزم، تبين الرشد من الغي، واتضحت السبل والأساليب، ذلك بأن الإسلام مصحف ومنبر، سيف وكتاب، عبادة وقيادة، عقيدة وشريعة، رهبانية وإرهاب، وبالجملة دين ودولة، لهذا كانت السنوسية طريقة ودعوة وغزوة، وما زالت تمضي في سبيلها المرسوم من نظام اجتماعي إلى جمهورية فإمارة ثم ملكية.

ولد زعيم السنوسية الأول السيد محمد بن علي السنوسي بالجزائر سنة ١٧٨٧ونشأ في بيئة علم وفضل، وتنقل في الأقطار الإسلامية مقتبسا من مناهل العلماء مناقشا وفاحصا وقد صقل التصوف من عنفوان شبابه ولكنه لم يحد من نزعته الصادقة إلى (إحياء الملة الإسلامية وتوحيد الصفوف في العالم الإسلامي للنهوض بالدين الحنيف نهضة صحيحة قوية) وأخذ يتزود من العلم ويمنحه للطالبين في يسر ومضاء حتى ذاع صيته وأوجست منه خيفة شتى العناصر الجامدة في فاس والقاهرة وصار (خطرا على الأمن العام) وألصقت به التهمة المأثورة (محاولة قلب نظام الحكم) فأصابه أذى كبير من الولاة والمشايخ، وبانتقال الداعية الإسلامي الكبير إلى برقة بدأ (الإخوان) ينشئون الزوايا بمثابة

<<  <  ج:
ص:  >  >>