على إيمانه، ولم يرتد. ولم يشهد له رسول الله بنفاق أو لم يذكر فيه حكم خاص من رسول الله. وهذا حق، إلا أن الأستاذ أدخل شرط الملازمة، وهو باطل من وجوه كثيرة، لا أطيل بذكرها. ومع ذلك فأني أؤكد أن معاوية ممن صاحب رسول الله منذ رمضان سنة ثمان من الهجرة إلى أن توفي بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من السنة الثانية عشرة من مهاجره إلى المدينة. وأما أبوه أيو سفيان فقد ولاه صلى الله عليه وسلم نجران وصدقات الطائف، ورسول الله لا يولي منافقا!! وأما عمر بن العاص، فلا أظن الأستاذ يستطيع أن ينكر هجرته ومصاحبته وبلاءه في الإسلام، وأما هند فأسلمت يوم أسلم زوجها أو بعده بيوم في سنة ثمان من الهجرة. وهجران الأستاذ لمعرفة تاريخ هؤلاء الأربعة، عادة أكتسبها من الكتب التي يقرؤها، كتب تكتب بلا بينة ولا حذر ولا معرفة.
ولا أظن أني قرأت كلاما لم أفهمه، كالذي قرأته في مسألة الصحابة، وإن كان الأستاذ بالطبع يظن بكلامه غير ما أظن، ولكني أنصحه مرة أخرى أن يلتمس العلم في كتب من يلتمس عندهم العلم. وإذا كان يخشى على دينه - ومعذرة ارتداء مسوح الوعظ والإرشاد - فليأخذ أمر دينه عن ثقة في تمييز الصحيح من الزيف، والحق من الباطل، وليدع أصحاب الأهواء حيث رضوا لأنفسهم منازلهم من مزالق الهوى. وليستغفر ربه من الكلمة الكبيرة التي قالها حمية لصاحبه وغضبا أنه (قد يوجد في القرن العشرين من هم أفضل بكثير من بعض من عاصروا الرسول العظيم). والظاهر أن الأستاذ لا يعيش في هذا القرن العشرين عيشة العارف البصير. والظاهر أيضا أنه محتاج إلى معرفة كثير مما خفي عليه من شؤون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أمر دين الله الذي أكمله للمؤمنين، وأتم عليهم نعمته، ورضيه لهم ولنا دينا، ونصيحة أخرى إلى الأستاذ أن يضع عن يده عبء القلم، فإنه ثقيل ثقيل. ولولا الحياء من أن أترك كلامه ومنطقه في الكتابة، بلا مجيب، لخفت عنه ثقل الكتابة، وثقل الفكر، وثقل الفلم جميعا، بالصمت عما جاء به ودهوره في أمور قلت معرفته بها، ويعجز فكره عن معاناتها والسلام.