للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتقرأ فيما أظن، ثم تنسبها إلى امرئ يعرف حق الكلام ويلتزم مقاطعه ومطالعه وحدوده، وما يوجبه اللفظ منالمعاني، وما يتناوله من دقيق الاستنباط. وأنا أشهد كل قارئ أني لم أقل ما قولتنيه، وأدع له حق الحكم بيني وبينك أن يكون في كلامي حرف واحد يدل على أني أردت بعض هذا المعنى الذي ترجمته كما ترجم صاحبك تاريخ معاوية ومن معه من الصحابة وتاريخ سائر بني أمية. أفتظن أن قولي إنه لا يحل لأحد أن يجعل (خطأهم) ذريعة إلى سبهم والطعن فيهم معناه أنهم لا يخطئون، أو أن أخطائهم لا تنقد؟ وأين ذهب عمري إذن، إذا كنت لا أعلم أن الصحابة أخطئوا، وأن علمائنا رضي الله عنهم، قد بينوا أخطائهم حتى فيما هو من أمور دينهم؟ ولكن فرق كبير بين أن تذكر عمل الصحابي أو قوله، وتأتي بالبرهان على أنه مما أخطأ فيه، وبين أن تجاوز ذلك إلى الطعن فيه، ثم إلى سبه، ثم إلى إخراجه عن الدين، كما فعل صاحبك. وهذا فرق ليس بالخفي فيما أظن؛ ولا أظنك إلا تورطت فيه من شدة أثر صاحبك عليك، حتى خدعك عما أنت خليق أن تكون من أهله. هذه واحدة أرجو أن تكون راجعا عنها منتفيا من سوء أثر صاحبك عليك فيها.

وأخرى تبين فيها سوء أثر صاحبك عليك: وهي تحديدك، فيما تزعم، لمعنى (الصحابي) واستدلالك بالكلمة التي جاءت في الخبر عن عبد الله بن أبي (معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه). فهذه كلمة ذكرها، يخشى أن تدور على ألسنة المشركين الذين لا يميزون مؤمنا عن منافق، وكلهم عندهم من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، لا أن رسول الله يسمى المنافقين أصحابا له!! وكيف وقد نزل عليه من ربه نفاقهم وكفرهم، ونهاه أن يصلي عليهم، وبينهم له بأعيانهم، فمعاذ الله أن يسمي رسول الله أحدا من المنافقينالذين يعلمهم (صاحبا). فمن سوء الأدب أن يقول مسلم: (فعبد الله بن أبي من أصحاب محمد كما ينطق الحديث)؛ ومن قلة المعرفة بالعربية أن يقولها قائل، ومن التسرع البغيض أن يلجأ إليها باحث، ومن ضعف المنطق والفهم أن يحتج بها محتج. فهي حكاية قول يخشى أن يقولوه، لا تسمية له باسم الصحبة. أعوذ بالله من الخطل! ورحم الله العرب ولسانهم!

أما ما حاول الأستاذ أن يجعله تحديدا لمعنى الصحابي، وهو ثلاثة أرباع مقاله، فأظنني لم أفهمه، ولم أدر ماذا كان يريد أن يقول ثم أخطئه. وأظن أنه أراد أن يقول في كل ما كتب: أن الصحابي هو الذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعه وآمن به ولازمه ومات

<<  <  ج:
ص:  >  >>