للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لخلت أنك ترى ممتازا نفسها، بجمال جسمها وروحها مغلفة في غلالة من نور، باسمة حزينة. إنه تمجيد لجمال المرأة، ولكل ما فيها من صفات سامية.

اختار له الشاه موقعا جميلا على نهر جمنة الذي يخترق مدينة أكرا، وحشد له الصفوة من المهندسين والخطاطين والنحاتين والمزخرفين والصياغ، وكان أكثر هؤلاء من الأتراك والفرس، بل ومن الإيطاليين أيضا. وبعد دراسات واسعة أمر بالبدء في العمل عام ١٦٣١م. ثم فتح باب خزانته على مصراعيها وأخذ ينفق على إخراجه ببذخ عظيم. اشتغل فيه عشرون ألف عامل لمدة سبعة عشر عاما على حد قول بعض المؤرخين، ولكن يظهر أن الانتهاء من بعض الزخارف والمحسنات كان بعد ذلك التاريخ بدليل العبارة التالية التي نقرؤها على أحد أبوابه (كتبه الفقير الحقير أمانت خان الشيرازي عام ١٦١٣م - ١٦٣٥ حيث انتهى منه).

لا يمكن لإنسان أن يدرك جمال هذا الضريح على حقيقته إلا إذا رآه عيانا ووقع تحت سحره المتجدد، وحين أن أذكر هنا أن الإمبراطور أصر على أن يكون أنفس تحفة، وأثمن أثر. . فكان باب المقصورة من الفضة، والستار الذي بداخلها من الذهب الخالص، تحليها أبدع النقوش، كما كان باب المقبرة نفسها من الفضة أيضا. وكان على القبر ستر من الحرير المرصع بصحائف اللؤلؤ، كما كانت تعلوه الماسة اليتيمة المعروفة باسم (كوهينور) وكال ذلك نهبه (الجات) عندما فتحوا أكرا.

جاء هذا الضريح أبدع ما أخرجه (شاه جاهان) من أبنية عظيمة لا نظير لها في العالم، وبعدما أتمه كان يجلس على الضفة الأخرى من النهر ساعات طويلة يتأمله في خشوع وحزن. ثم إنه فكر في أن يقيم لنفسه ضريحا في نفس المكان الذي أعتاد أن يجلس فيه، وشرع فعلا في البناء , ويرى أساسه قائما على ضفة النهر تماما، وكان يزمع أن يبنيه من الرخام الأسود. وليته عاش حتى أتم هذا العمل الجميل الذي لا يستطيعه إلا (شاه جاهان) وفيما هو منصرف إلى البناء ثار عليه أبنه (علم جير) المعروف باسم (اورنك ذائب) الذي استولى على أكرا وأسر أباه الشيخ الوقور الحزين وحبسه في قصره الفاخر لا يخرج منه لمدة ثماني سنوات مات بعدها (١٦٦٦م) والمعتقد أن الابن هاله ما رآه من إسراف والده، وانصرافه عن شؤون الإمبراطورية التي كانت على شفا جرف هار ففعل ما فعل ولكنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>