أغلب الأحوال. بل إنني لأعلم أن كثيراً من الجرائم الوحشية التي تستحق الإعدام كان يمكن ألا تقع لو أن هذه العقوبة الشديدة قائمة كالجرائم التي تقع من الفوضويين.
وقد ذكرني هذا البحث بحادثة ضمنها القصصي الفرنسي جول فيرن في أحد كتبه تتلخص في أن بعض المهاجرين كادوا يغرقون على مقربة من إحدى جزر المحيط الهادي، ولم يكن على ظهرها غير فيلسوف فوضوي نفر من العالم وفر منه إليها. فلما أقبلوا عليه أكرمهم ودعاهم إلى اعتناق مذهبه. ولكن أسباب الحياة تغيرت بعد قليل ودب الخلاف فيما بينهم، فلم ير لنشر السلام بينهم إلا أن يفرض عليهم إرادته فرضاً فكان مثله فيهم كمثل الحاكم المستبد (ديكتاتور). وهذه الغاية لا تبعد عن نظريتي في العقوبة كثيراً، فالأحكام التي يقررها قانوننا الجنائي أشبه بهذا الحاكم، بغيرها لا يكون هناك أمن على الحياة، وإنما تكون الفوضى. .)