جدران المدارس بسبب ما يوجد من الاستهتار والرعونة والخروج على المبادئ الأساسية المرعية بين التلميذ ومعلمه - وأن الفوضى التي تنتاب المدارس أحيانا من خروج على النظام والآداب وإتلاف لبعض أثاث المدرسة مما يتناول كرامتها وكرامة أساتذتها لما تحزن له النفس ويهلع له القلب، وهذه حالة ستؤدي حتما إلى تدهور خلقي أشنع مما تقاسيه البلاد الآن إذا لم تجد اليد القوية الحازمة الرادعة التي تضع الأمور في نصابها فتعيد إلى المدرسة كرامتها وتجعل أساس المعاملة بين التلميذ وأستاذه ومدرسته الاحترام الحقيقي المشوب بالعطف الأبوي. . يقابله في الوقت نفسه حب بنوي) هذا إنذار قدمته منذ ثلاثة عشر عاما للمسئولين فلم يستمع له أحد، وقد تحقق اليوم مع الأسف الشديد ما تنبأت به. وعلاوة على ذلك فقد أفردت الباب الرابع كله في مؤلفي السابق الذكر لموضوع تكوين الأخلاق بالذات، وأبنت فيه كثيرا ما لتربية الأخلاق من قيم ونتائج، كما رسمت فيه خطة للإصلاح الخلقي.
وإني لا زلت أقرر - والحزن الذي ملأ قلب معالي وزير المعارف السابق وقلوبنا اليوم يملأ قلبي من سنين عديدة - أن الحالة المحزنة التي وصلت إليها المدرسة المصرية اليوم ترجع إلى إهمال العوامل النفسية والخلقية التي تؤثر أعظم التأثير في تكوين الناشئين. تلك العوامل التي نبهت إليها من زمن بعيد فلم يأبه لنصيحتي أحد فأصبحنا نقاسي اليوم نتائجها السيئة المريرة حائرين منزعجين مستفسرين متسائلين.
أمرتهمو أمري بمنعرج اللوا ... فلم يستبينوا الشد إلا ضحى الغد
لقد أصبحنا اليوم على أبواب بحث جديد في حالة التعليم تجربة معالي حسونه باشا وزير المعارف وهو الرجل الذي يقدر الأخلاق الفاضلة حق قدرها، ويشرف عليه ذلك الرجل النابغة الذي كرس حياته لبناء مجد الوطن رفعة علي ماهر باشا الذي تفخر به مصر كلها والذي أفخر شخصيا بأنه من بين مئات الكبراء المفكرين الذي أهديت إليهم مؤلفي سابق الذكر (التعليم والمتعطلون في مصر) كان الرجل الوحيد الذي تكرم فقرأه بعناية وأثنى عليه الثناء الجميل فكان ذلك مما شجعني على أن أعاود الكرة في الكتابة اليوم في هذا الموضوع الجليل. وفقه الله ووفق جميع العاملين لما فيه خير هذه الأمة إنه سميع مجيب.