الأخرى. . فما ضر لو كانت هذه الأسباب مجتمعة هي الأصل في نكبة البرامكة بجانب السبب الحقيقي في نفس الرشيد. . وما ضر أيضاً لو كانت هي مجتمعة سبب النكبة، وليس هناك سبب آخر إلى جانبها.
من هذه الأسباب في قول بعض المؤرخين أن الرشيد أبى على جعفر أن يتزوج العباسة زواجاً كاملاً، وأحل له بعقد الزواج النظر وحده، دون ما يستتبع العقد من صلات. . ويقول هؤلاء المؤرخون إن العباسة لم تعبأ بما نص عليه عقد الرشيد وأكملت مقتضيات العقد مع زوجها، فكان ثمرة هذا الإكمال هو بضع بنين لهم.
وقد رأى الأستاذ باش أعيان أن في هذه الرواية تعدياً على مقام العباسة بنت المهدي، المتصلة بأسباب غاية في القوة إلى العباس عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأنا لا أدري علام يدافع؟ وما الذي فعلته حتى تتهم؟ إن العقد الذي أراد أخوها أن يكون عقد نظر فحسب غير موجود بين عقود الشريعة الغراء، وإنما هو عقد زواج، ومعروف شرعاً أن الشرط الفاسد في عقد الزواج لا يفسد العقد، بمعنى أن الشرط يبطل ويصح العقد، فإذا تزوجت إحداهن واشترطت في عقد الزواج ألا تقيم مع زوجها إلا إذا أقام ببغداد مثلاً أو البصرة، فإن عقد الزواج صحيح والشرط باطل، فإذا انتقل الزوج إلى القاهرة تعين على الزوجة أن ترافقه إليها، وتعيش معه فيها. وتعاشر زوجة بعقد صحيح، ولا قيمة للشرط الذي اشترطته بل هو باطل غير موجود، فإذا اشترط الرشيد على جعفر في عقد النكاح ألا يدخل بزوجة العباسة بطل الشرط وصح العقد. والعباسة لابد تعلم هذه الحقيقة، وهي على الأقل لن تعدم من يخبرها بها. فإن هي أبطلت الشرط فإنما تسير على خطى الدين الحنيف، غير مجانبة الخلق القويم الذي يجب أن تكون عليه بنت قريش، ولا ضير عليها إن هي أغضبت الرشيد لترضى الله.
وبعد فالعباسة غير متهمة لتحتاج إلى دفاع، بل لقد كانت في موقف لا بأس بها فيه، وهي تأبى على أخيها الرشيد أن يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرمه.
تلك هي العباسة على رواية المؤرخين الذين يقولون بوجود العقد، أما هؤلاء القلة الذين يقولون بعدم وجود العقد فقولهم مردود هزيل، فما كان أيسر انعقاد العقد في هاته الأيام بحيث يصبح عدم العقد ضرباً من الجنون الذي لم يعرفه أحد عن جعفر أو العباسة، ما كان