للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتلاحظ مدام (ليجيه) ذلك السلوك المحبب الجذاب الذي يعامل به الخاطب ولدها البكر فتغتبط به وتنشرح له.

ولكن رغم كل هذا كانت تترقب من ابنها رفضاً وثورة أخذت تحسب حسابهما وتتهيأ لهما منذ أيام.

من هنا كانت حيرتها وقلقها في هذه الصبيحة الباسمة من نيسان التي كان عليها فيها أن تقول كلمتها الأخيرة في رفض يد (جورج) أو قبولها. ولهذا وحده هي تدير في ذهنها الصورة المستحبة الملائمة التي يمكنها بها أن تفاجأ ولدها دون أن تؤذيه أو تسوئه في عزة نفسه، فكانت تردد:

- كان علي أن أنبئه بذلك وأسبر غور رضاه أو رفضه منذ ستة أسابيع. . غير أني لم أستطع ذلك لأني اجدني أمامه مرتبكة مشلولة الإدارة كأني بحضرة أبيه الراحل. فيا لله كم يشبهه حتى كأنه صورته الثانية! وعلى كل حال فإن جورج أحسن في تحببه إليه وترضيه. . وذكر أسم جورج هكذا مراراً، ودل المرأة على أنها تنطوي له على حب وميل. .

نعم يلوح لها أنها تحبه بأنصاف من العواطف والميول غير متكاملة ولا متكونة. ويكن ذلك ويا للأسف كان يزيد ألمها ويضاعف شجوها. . أجل إن جورج محق في قوله. فواجب على معاودة حياتي الزوجية، وأنا بهذا لا أنال شيئاً من زوجي الميت ولا أسوئه في كرامته. كذلك لا أفتات على أولادي الأحبة الذين تركني لهم، لأن جورج سيحبهم وسيحنو عليهم. والصغيران يحسان بهذا وبقدراته في سذاجة وطهارة. أما شارل ولدي الحبيب فسوف يقدره كذلك إن تفكر وتدبر. آه لشد ما يحب إياه هذا الصغير! إنه لينمو ويتفتح للحياة يوما بعد يوم كأنما نتعهد نماءه معجزة من السماء.

هون الأول في فصله في مدرسة (سان لويس) وإنه يترقى بين رفقائه وزملائه بصورة غريبة سريعة كأنما وكن نفسه على أن يسد الفراغ الذي تركه أبوه من بعده، إن لم يكن قد قام في نفسه أكثر من هذا: أن يكون خليفة أبيه في البيت ورب الأسرة التي كان يحلم أن يكون حاميها وراعيها. فيا للقسوة والنكران! وكيف تجرؤ هذه الأم أن تسلم أمور البيت إلى راع آخر وحام غريب؟!

<<  <  ج:
ص:  >  >>